اليوم، يقترع ملايين الأمريكيين في انتخابات مصيرية، لن يتقصر تأثيرها على الولايات المتحدة، بل ستُحدّد شكل العالم خلال السنوات الأربع القادمة. وتأتي إسرائيل في مقدمة دول العالم الأكثر تأثرًا بهذه الانتخابات، حيث تتزايد التساؤلات فيها حول كيفية تأثير سياسات المرشحين الرئاسيين الرئيسيين، دونالد ترمب وكامالا هاريس، على إسرائيل، خصوصًا مع اعتمادها بشكل متزايد على الدعم الأميركي، منذ بدء حرب السابع من أكتوبر، لا سيما في ميزانيتها الدفاعية.
سياسات ترمب الاقتصادية
خلال فترة رئاسته السابقة، قام ترمب بتخفيض الضرائب على الشركات من 35% إلى 21%، بهدف تشجيع الاستثمار داخل الولايات المتحدة ودعم الاقتصاد. وقد أدت هذه الخطوة إلى زيادة أرباح الشركات الكبرى، لكنها أسهمت أيضاً في تقليص العائدات الضريبية الفدرالية، ما فاقم من التفاوت الاجتماعي في البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، فرض ترمب رسومًا جمركية على الواردات، وخاصة من الصين، في محاولة لتعزيز الإنتاج المحلي، ولكن هذا رفع من تكاليف الإنتاج للعديد من الشركات العاملة في السوق الأمريكية والتي تعتمد على الاستيراد، وزاد من حالة عدم اليقين بين الدول التي تعتمد على السوق الأميركية للتصدير.
قد تساهم سياسات ترمب في دعم الشركات الإسرائيلية ذات الحضور القوي في السوق الأميركية، خصوصاً في مجال التكنولوجيا. إلا أن السياسة الاقتصادية ذات الطابع الرأسمالي التي يتبناها ترمب والتي ستؤدي إلى توسيع الفجوات الاجتماعية داخل الولايات المتحدة، قد تضعف الاقتصاد على المدى البعيد، عبر تأثيرها سلبًا على الطبقة المتوسطة، والتي تمثل شريحة هامة من المستهلكين، وهو ما سيؤثر بدوره على الشركات الإسرائيلية.
رؤية هاريس الاقتصادية
من جانب آخر، تتبنى هاريس سياسات اقتصادية تتضمن زيادة الضرائب على الأغنياء والشركات الكبرى بهدف تقليص الفجوات الاجتماعية. ورغم أن هذه الخطوة قد تسهم في تحقيق توازن اجتماعي أفضل، إلا أن زيادة الضرائب قد تؤدي إلى تقليل الاستثمارات الداخلية في الولايات المتحدة، وبالتالي قد تؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.
كما تدعو هاريس إلى تطوير “اقتصاد أخضر” يعتمد على التكنولوجيا والطاقة النظيفة، وهو ما قد يفتح فرصًا تجارية جديدة على المستوى الدولي. وقد يكون لهذه الرؤية تأثير إيجابي على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث يمكن أن تدعم التوجهات الإسرائيلية نحو الابتكار في قطاع التكنولوجيا المستدامة، ما يعزز من التعاون التجاري بين البلدين ويفتح فرصًا اقتصادية جديدة.
آراء الجالية اليهودية الأميركية ومستقبل العلاقات بين الدولتين
هناك تباين في الآراء داخل الجالية اليهودية في الولايات المتحدة حول هذه الانتخابات، إذ يميل العديد من أفرادها تقليديًا إلى دعم الحزب الديمقراطي. ولكن مع التغيرات السياسية المستمرة في إسرائيل، قد يتغير هذا التوجه. ورغم أن العديد من اليهود الأميركيين يتعاطفون مع سياسات الديمقراطيين، إلا أن هناك أسئلة تطرح حول مدى التزام هاريس بدعم إسرائيل كما فعلت إدارة بايدن، وكذلك حول مدى وفاء ترمب بتعهداته السابقة تجاه إسرائيل.
يؤكد الخبراء الاقتصاديين الإسرائيليين على أن سياسات كلا المرشحين ليست مؤكدة بعد، وأنه يجب على إسرائيل أن تركز جهودها في الوقت الحالي على بناء حكومة مستقرة، قادرة على اتخاذ قرارات اقتصادية وأمنية مستدامة تعزز الوحدة الوطنية وتدعم الاقتصاد، بدلًا من التعويل على نتائج الانتخابات الأمريكية.
مقالات ذات صلة: فوز ترمب يهدد الاقتصاد الأميركي والعالمي