تشهد الأسواق المالية تحركات غير عادية وسط توقعات بنصر كبير لدونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، إضافةً إلى سيطرة جمهورية على مجلسي الكونغرس. هذا الفوز المرتقب يُعتبر بمثابة إعلان غير رسمي عن سياسة اقتصادية جديدة، وهي السياسة التي تحمل آمالاً بدعم واسع للأسواق المختلفة، وخاصة سوق العملات الرقمية، رغم ما يشوبها من مخاوف تتعلق بالتضخم. فما هو المنطق وراء هذه التحركات التي أطلق عليها البعض مصطلح “ترمب بلاي”؟
صعود هائل في العملات الرقمية
سجلت العملات الرقمية ارتفاعات ملحوظة، حيث ارتفع سعر البيتكوين صباح اليوم لأكثر من 75 ألف دولار قبل أن يتراجع سعرها قليلًا مستقرًا عند 74,660 دولار، بزيادة قدرها 8.8%. أما العملات الأخرى مثل الإيثريوم فقد ارتفعت بنسبة 6.7%، وسولانا بنسبة 16%، بينما قفز دجكوين بنسبة 24%.
مقالات ذات صلة: كيف تتعامل مع اهتمام ابنك المراهق بالعملات الرقمية؟
يُعزى هذا الارتفاع إلى تحوّل ترمب المفاجئ في موقفه تجاه العملات الرقمية؛ فبعدما كان ينتقد البيتكوين، أصبح الآن يعد بجعل الولايات المتحدة “عاصمة العملات الرقمية في العالم” إذا عاد إلى البيت الأبيض. هذا الوعد ليس فقط للاقتصاد الأمريكي، بل أيضاً لمصلحة ترمب الخاصة، إذ أطلق مشروعاً جديداً للتداول بالعملات الرقمية يُسمى “وورلد ليبرتي فايننشال”.
وقد أدى دعم ترمب الواضح لهذا القطاع إلى استقطاب تبرعات ضخمة من قطاع العملات الرقمية لصالح الحملات الانتخابية، ما جعله مؤثراً في الساحة الانتخابية الأمريكية. ومن المتوقع أن يعمل ترمب في حال فوزه على تحفيز عمليات تعدين البيتكوين وأن يمنع البنك الفيدرالي من إطلاق عملة رقمية حكومية منافسة. كما يتوقع أن يسرّع في استبدال رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية غاري غينسلر، الذي يُعرف بتنظيمه الصارم لسوق العملات الرقمية.
الأسهم في وول ستريت ترتفع
على الرغم من أن بورصات وول ستريت كانت مغلقة قبل انتهاء التصويت، إلا أن عقود الأسهم المستقبلية سجلت ارتفاعاً بنسبة 1.2% في المؤشرات الثلاثة الرئيسية. يُنظر إلى هذه الزيادة كتأييد لبرنامج ترمب الذي يَعِد بتخفيض ضرائب الشركات وتخفيف القيود التنظيمية.
تاريخيًا، في عهد ترمب الأول، لم تكن أسواق الأسهم مستقرة خلال السنوات الأربعة جميعها، لكنها حققت عوائد سنوية بمتوسط 14.1%، مقارنةً بـ 11% في عهد بايدن و13.6% في عهد أوباما.
تعزيز قوة الدولار الأمريكي
ارتفع الدولار الأمريكي نتيجةً لسياسة ترمب الاقتصادية المقترحة التي تتمحور حول حماية المنتجات المحلية من خلال فرض رسوم جمركية ثقيلة على الواردات وتقليل الضرائب. هذا التوجه يُعتبر تضخميًا وقد يزيد من حجم الدين الحكومي. مع توقعات ارتفاع التضخم، قد يجد البنك الفيدرالي نفسه مضطرًا للحفاظ على أسعار فائدة عالية، ما يُعزز من قيمة الدولار أمام العملات الأخرى.
ومع ذلك، تشير التوقعات إلى احتمالية خفض الفائدة بنسبة 0.25% إلى 4.75% في اجتماع البنك الفيدرالي المرتقب غدًا، وحتى نهاية 2025 هناك احتمال بنسبة 57% أن تبقى الفائدة عند مستوى 4% أو أعلى، وهي مستويات مرتفعة جدًا مقارنة بالعقد الماضي.
تراجع السندات الحكومية
يواصل سوق السندات الحكومية تراجعه منذ أسابيع، ويبدو أن هذا الانخفاض يستمر مع اقتراب الإعلان الرسمي لفوز ترمب، حيث أن ارتفاع الفائدة يجعل السندات استثمارًا أقل جاذبية، فعندما ترتفع أسعار الفائدة، يتم إصدار سندات جديدة بأسعار فائدة أعلى، ما يجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين. ونتيجة لذلك، تصبح السندات القديمة ذات أسعار الفائدة المنخفضة أقل جاذبية.
مقالات ذات صلة: جدران ترمب… كيف ستوثر عودة الرئيس السابق على الاقتصاد العالمي؟