مع تسارع وتيرة حياتنا اليومية، تتكرر الأيام بمزيج من العمل والالتزامات العائلية والاجتماعية، حتى نجد أنفسنا نقول “الأيام بتركض ركض”، فنخطط لأمورنا على المدى القصير لنحافظ على السيطرة. لكن ماذا نفعل في الأوقات الصعبة والأزمات طويلة الأمد مثل الظروف الحالية؟
مع استمرار الحرب وموافقة الحكومة على ميزانية الدولة لعام 2025، نلاحظ التأثيرات السلبية والمباشرة على حياتنا اليومية وأوضاعنا المالية. نجد أنفسنا غير متأكدين من كيفية التخطيط المالي السليم وإدارة شؤوننا المالية في ظل هذه الظروف الصعبة، لذا يجب علينا الاستعداد اقتصاديًا كما نستعد بوسائل أساسية أخرى، مثل المستلزمات والطعام، خلال الحرب.
كيفية إدارة الميزانية في ظل الأزمات وغياب اليقين؟
يجب بناء ميزانية مؤقتة لأوقات الطوارئ لمدة زمنية تتناسب مع الظروف الحالية، مثل ستة أشهر أو سنة. أولاً، يجب تسجيل كل المصروفات العائلية بالتفصيل للأشهر الثلاثة القادمة، وتسجيل كل مصادر الدخل المحتملة.
الخطوة التالية هي تحديد الوضع المالي للعائلة بشكل شهري، بناءً على الفرق بين المدخولات والمصروفات، والاستعداد للتصرف وفقًا لذلك.
ولتحسين ميزانية العائلة، يجب القيام بالخطوات التالية:
- تقليص المصروفات: يمكن خفض بعض النفقات لفترة محدودة. على سبيل المثال، التقليل من الترفيه خارج البيت يحد من المشتريات، وحتى مصروف البنزين!
- استبدال المصروفات: بعض النفقات يمكن استبدالها بخيارات أقل تكلفة. مثلًا، بدلًا من شراء كعكة جاهزة من الخارج، يمكن صنعها في المنزل ما يوفر المال ويمنح فرصة لقضاء أوقات قيّمة بين أفراد الأسرة.
- إلغاء المصروفات غير الضرورية: من الأفضل إلغاء شراء السلع غير ضرورية، مثل الملابس الجديدة. في الظروف الحالية، يمكن الاستغناء عن شراء السلع الغير أساسية إلّا عند الحاجة.
تعزيز الوعي المالي وتحديد الأولويات
في هذه الفترة، من المهم تقوية الوعي المالي، والتمييز بين ما هو ضروري وما هو مجرد رغبة. قبل الشراء أو اتخاذ أي خطوة، اسأل نفسك: “هل هذا ضروري أم مجرد رغبة؟” الإجابة عن هذا السؤال تساعد في ترتيب الأولويات والسيطرة على المصروفات غير الأساسية.
زيادة الدخل كحل إضافي
يمكن التفكير بزيادة الدخل لتحسين الميزانية، مثل زيادة ساعات العمل أو البحث عن عمل جزئي في مجال آخر. أما لمن فقدوا وظائفهم بسبب الأزمة، فالمرونة والتفكير الإبداعي خارج الصندوق قد يفتحان لهم مجالات دخل جديدة.
التصرف عند الحاجة إلى سيولة نقدية فورية
إذا كانت الميزانية بحاجة إلى سيولة فورية، يُفضل استكشاف حلول أخرى، غير القروض التي ستسبب التزامات مالية جديدة، مثل استخدام المدخرات أو تأجيل بعض الدفعات الثابتة.
تقدم البنوك خيار تجميد سداد القروض لفترة معينة، لكن يجب الانتباه للفوائد المضافة على المبالغ المؤجلة. يمكن أيضًا الاستفادة من الأصول الموجودة، مثل تأجير عقار. وفي حال لم تتوفر خيارات أخرى، يمكن اللجوء إلى قرض من العائلة أو البنوك، مع مراعاة نسبة الفائدة.
الاستثمار لمن لديهم فائض مالي
أما من يملكون فائضًا من المال، فهذا هو الوقت المناسب لاستثماره بحكمة. يمكن التفكير في الاستثمار في سوق الأسهم (البورصة)، لكن يُفضل الاستعانة بأصحاب الخبرة للمبتدئين. أما للأشخاص الأقل ميلاً للمخاطرة، يبقى توفير المال هو الخيار الأنسب.
في ظل هذه الظروف الصعبة، نتمنى السلامة للجميع، وأن تسهم الإدارة المالية السليمة وتحديد الأولويات في تجاوز هذه المحنة بأقل الخسائر وبأمل في أيام أفضل تحمل معها السلام.
- المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة موقع وصلة للاقتصاد والأعمال