في إطار أعمال المؤتمر السنوي الأول لـ “قُدرة”- شبكة المتبرعين العرب، الذي عُقد في مدينة باقة العربية الاسبوع الماضي، قدمت المحاضرة والباحثة في الجامعة العبرية بالقدس، د. رنا إسعيد، محاضرة هامة حول دوافع العطاء لدى المجتمع العربي والفلسطيني في إسرائيل. تناولت إسعيد، التي تتركز أبحاثها على نقاط الالتقاء بين الدين والروحانية، والرفاه الاجتماعي، جوانب عدة من ظاهرة التبرع ودوافعها، وخاصةً من منظور عدد من المتبرعين العرب من مختلف المناطق والخلفيات الاجتماعية والدينية.
وتمحورت المحاضرة حول نتائج بحث نوعي أجرته إسعيد عبر 15 مقابلة مع متبرعين عرب، والذي يسعى لفهم العطاء المنظم كظاهرة، وتحليل دوافع المتبرعين في مجتمعهم.
وكشفت إسعيد عن ثلاثة دوافع رئيسية للعطاء لديهم، أولها الدافع الديني، إذ يرى المتبرعون أن التبرع واجب ديني ذو فوائد دنيوية وآخروية. أما الدافع الثاني، فيرتبط بالروحانية، حيث يعتبر بعض الأفراد أن العطاء جزء من رسالة روحية في الحياة يتبنونها رغم أنّهم لا يصنفون أنفسهم كمتدينين. أما الدافع الثالث، فهو الدافع المجتمعي الذيي تجلى برغبة المتبرعين في رد الجميل لمجتمعهم، والمساهمة في تطوير المدينة أو القرية التي ينتمون إليها، ويثقون بأهلها.
كما تناولت إسعيد دور العطاء كقيمة متوارثة في بعض العائلات، حيث يصبح التبرع جزءًا من القصة الشخصية للمتبرع، خاصةً لمن نشأوا في عائلات تكرس قيم الكرم والعطاء عبر الأجيال، أو لدى أولئك الذين ترعرعوا في ظروف اقتصادية متواضعة ويرغبون في دعم الآخرين.
وفي ختام محاضرتها، أشارت إسعيد إلى أهمية شبكة “قدرة” كفضاء مشترك يتيح للمتبرعين تنظيم جهودهم بشكل جماعي، ما يعزز فرصهم للتعلم من بعضهم البعض ودعم أهداف مجتمعية مشتركة.
ويُذكر أن شبكة “قدرة” هي مبادرة تأسست عام 2019 بهدف تنظيم وتنسيق جهود العطاء والعمل الخيري في المجتمع العربي في البلاد، من خلال تنظيم شبكة المتبرعين وتوجيه تبرعاتهم نحو تحقيق أثر مجتمعي ملموس ومستدام. تعمل الشبكة على توفير معلومات موثوقة حول المبادرات والمشاريع المختلفة، إلى جانب تقديم استشارات ودعم استراتيجي للمتبرعين لضمان أفضل استخدام ممكن للموارد المالية. تسعى “قدرة” إلى تعزيز التعاون بين الأفراد والمؤسسات الخيرية، وبناء شبكة واسعة من العلاقات بين المتبرعين، بما يساهم في تحسين استجابة المجتمع لاحتياجاته وتوجيه الجهود نحو تعزيز التغيير الإيجابي.
مقالات ذات صلة: الطبقة الوسطى في المجتمع العربي شهدت نموًا ملحوظًا خلال العقد والنصف الأخير، وهي مصدر أساسي للتبرع والعطاء