لحّق حالك إنّه Black Friday… لكن هل حقًا تحتاج إلى كلّ هذه المشتريات؟

أيقون موقع وصلة Wasla
ميرفت عودة
محامية مؤسسة ومديرة جمعية منديل وناشطة بيئية

black friday
يعود “نوفمبر الأسود” ليحفزنا على الشراء من جديد، وهو شعور ممزوج بالفخر والإنجاز بأننا تمكّنا من استغلال التخفيضات بحنكة، وحصلنا على ما نريد بأقل التكاليف. نعود إلى منازلنا محمّلين بالأكياس، أغلبها ملابس تواكب أحدث الصيحات – فهي جذابة ورخيصة، فما الذي يمنع؟

في عام 2023، شهدت إسرائيل زيادة ملحوظة في مبيعات “البلاك فرايدي” (Black Friday)، حيث يُقدّر أن المبيعات تجاوزت 1.5 مليار شيكل، مع ارتفاع ملموس في التسوق عبر الإنترنت، بفضل العروض المغرية التي اجتذبت المستهلكين وزادت من وتيرة الشراء.

لكن هذا العام يأتي “نوفمبر الأسود” في سياق مختلف تمامًا – حرب مستمرة، عنف متفشٍ، أزمة اقتصادية خانقة، وارتفاع في معدلات الجريمة والأسعار، ما يضع ضغوطًا هائلة على الجميع. ورغم ذلك، من المتوقع أن يستمر الناس في الإنفاق، ربما بدافع الحاجة، أو كردة فعل للتخفيف من الضغط النفسي المتزايد.

تترافق هذه الزيادة في الشراء مع مشكلات بيئية جسيمة. صناعة الملابس وحدها تُسهم في تلوث كبير، حيث يُقدَّر أن 85% من الأنسجة المنتجة تذهب إلى النفايات سنويًا.

ويُضاف إلى ذلك استغلال العمال في بعض الدول مثل بنغلاديش، حيث انهار مصنع “رانا بلازا” عام 2013، ما أدى إلى مقتل وإصابة الآلاف، وهو ما سلط الضوء على الظروف القاسية التي يعاني منها العمال في هذا القطاع. وفي ظل أزمة المناخ المتفاقمة وارتفاع درجات الحرارة القياسية التي شهدناها هذا الصيف، تبرز التساؤلات: هل يهم أحد الحديث عن المناخ والتلوث في ظل الحروب والجريمة والغلاء الخانق؟

رغم ذلك، أود كمتخصصة في هذا المجال أن أقول: اشتروا! الأبحاث تشير إلى أن التسوق أصبح وسيلة ترفيه رئيسية، خاصة في ظل تقلّص خيارات الترفيه مثل الرحلات أو السهرات في المقاهي والمطاعم. يعزز التسوق شعورنا بالسيطرة ويرفع من معنوياتنا في ظل الفوضى. لكن هذا “الترفيه الاستهلاكي” له ثمن، ليس فقط ماليًا، بل اجتماعيًا وبيئيًا أيضًا.

لذا، قبل أن تتهافتوا على مراكز التسوق، اسألوا أنفسكم: هل نحتاج فعلًا إلى كل هذه المشتريات؟ هل يمكننا تحمّل مسؤولية تأثير استهلاكنا على البيئة؟ وكيف يمكن أن نكون مستهلكين أكثر وعيًا ونساهم في دعم مجتمعنا؟

ربما يكون الوقت قد حان لتحويل إنفاقنا إلى قوة دافعة تدعم الاقتصاد المحلي. دعونا نوجّه جزءًا من إنفاقنا لدعم المصالح العربية الصغيرة والنسوية، التي تعاني بشكل أكبر في هذه الأوقات الصعبة. يمكننا الاستغناء عن بعض المشتريات غير الضرورية واستثمار أموالنا في تعزيز الصمود الاقتصادي والاجتماعي لمجتمعنا. بهذا، يتحوّل التسوق من مجرد استهلاك إلى فعل مسؤول ومساهمة فعالة في بناء مجتمعنا.

* المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة موقع وصلة للاقتصاد والأعمال

مقالات مختارة

Skip to content