تشير بيانات شهر أكتوبر الصادرة عن دائرة للإحصاء المركزية إلى انخفاض ملحوظ في حالة سوق العمل في البلاد، حيث انخفض معدل التوظيف إلى 59.9% مقارنة بـ60.4% في شهر سبتمبر. يُعد هذا الانخفاض الأول من نوعه منذ مارس الماضي، ما يعكس التأثيرات السلبية للحرب المستمرة في الشمال على الاقتصاد، وخاصة في المناطق الشمالية الأقرب إلى الجبهة.
وفقًا للتقرير، فإنّ معدل التوظيف يعبر عن نسبة الأشخاص العاملين من إجمالي السكان البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 15 عامًا. بعد أن شهد شهر يوليو ارتفاعًا في معدل التوظيف ليصل إلى 60.9%، وهو ما بدا وكأنه عودة شبه كاملة إلى الوضع الطبيعي، عاد المؤشر إلى التراجع ليصل في أكتوبر إلى مستويات مشابهة لما كانت عليه في فبراير. هذه الأرقام تعكس بوضوح التأثير المباشر للاضطرابات الأمنية على سوق العمل، وخاصة في المناطق الشمالية التي سجلت زيادة ملحوظة في عدد الباحثين عن عمل.
رغم هذا الانخفاض في معدل التوظيف، شهدت معدلات البطالة “الموسعة” تحسنًا طفيفًا، حيث انخفضت من 5% (ما يعادل 230 ألف شخص) في سبتمبر إلى 4.8% (217 ألف شخص) في أكتوبر. يُعرّف معدل البطالة الموسع بأنه يشمل البطالة التقليدية، بالإضافة إلى الأشخاص الذين توقفوا عن البحث عن عمل أو غابوا مؤقتًا عن سوق العمل بسبب ظروف استثنائية، وهو مؤشر يُستخدم عادة لقياس البطالة في أوقات الأزمات. ومع ذلك، لا تزال الأرقام تشير إلى التأثير الكبير للظروف الأمنية على سوق العمل، حيث شهد شهر سبتمبر زيادة حادة في هذا المعدل مقارنة بالأشهر السابقة.
أما معدل البطالة التقليدية (الأشخاص غير العاملين الذين يبحثون بنشاط عن عمل)، فقد انخفض بشكل طفيف من 2.9% (130.6 ألف شخص) في سبتمبر إلى 2.7% (119.4 ألف شخص) في أكتوبر. رغم هذا الانخفاض، فإن هذا المؤشر ظل محدود الأهمية خلال فترة الحرب، لأنه لا يعكس أوضاعًا مثل الإجازات غير مدفوعة الأجر أو توقف العمال عن العمل نتيجة الظروف الأمنية.
فيما يتعلق بعدد الوظائف الشاغرة، حافظت السوق على استقرار نسبي، حيث سجل شهر أكتوبر 135.7 ألف وظيفة شاغرة، مقارنة بـ135.5 ألف وظيفة في سبتمبر. كما بقيت نسبة الوظائف الشاغرة من إجمالي الوظائف في السوق مستقرة عند 4.32% في أكتوبر، مقارنة بـ4.34% في الشهر السابق. ومع ذلك، لا تزال هذه النسبة مرتفعة نسبيًا مقارنة بالأوضاع الطبيعية، وهو ما يعكس وجود فجوة بين أنواع الوظائف المتاحة ومواقعها الجغرافية وبين المؤهلات والخبرات المتوفرة لدى الباحثين عن العمل.
تشير هذه البيانات إلى وجود تحديات هيكلية في سوق العمل، بالإضافة إلى التأثيرات الظرفية الناتجة عن الوضع الأمني. وبينما يبدو أن سوق العمل في البلاد يقترب من العودة إلى الوضع الطبيعي في بعض المناطق، لا تزال المناطق الشمالية تعاني من ضغوط كبيرة تؤثر على معدلات التوظيف والبطالة.
مقالات ذات صلة: للتغلب على نقص الأيدي العاملة… تعاون بين معهد أجيك واتحاد أرباب الصناعة لتأهيل ودمج الشباب البدو في أماكن العمل