تستعد الحكومة الإسرائيلية للموافقة على زيادة جديدة في عجز الميزانية لعام 2025، ليصل إلى 4.4% من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كانت الخطة في البداية تقتصر على عجز بنسبة 4%. هذا التعديل الأخير يأتي قبل بدء المناقشات في الكنيست بشأن الميزانية، مما يسلط الضوء على تحديات التخطيط المالي في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتقلبة.
بدأت القصة في سبتمبر الماضي عندما أعلن وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، خلال مؤتمر صحفي أنه يعتزم تقديم ميزانية لعام 2025 بعجز لا يتجاوز 4%. لاحقًا، في نهاية أكتوبر، رفعت الحكومة العجز إلى 4.3%. والآن، ومع القرار الجديد، يُتوقع أن يصل العجز إلى 4.4%. وقد تبرر الحكومة هذا الارتفاع بالضغوط الناجمة عن الاحتياجات الأمنية وتمويل الحرب. ومع ذلك، تظهر حقائق أخرى تُبرز عوامل إضافية، أبرزها قرار الوزير إدخال إعفاءات ضريبية جديدة تبلغ قيمتها 1.5 مليار شيكل، والتي ستؤثر بشكل مباشر على إيرادات الدولة.
أسباب الزيادة في العجز
تقدم وزارة المالية تفسيرًا متعدد الجوانب لتبرير هذه الخطوة، حيث تشير إلى أن جزءًا من هذه الزيادة يعود لضغوط نقابية قادتها الهستدروت، بما في ذلك إلغاء زيادة الاقتطاعات لصناديق التقاعد لبعض الموظفين، والتراجع عن خفض “يومي النقاهة” إلى يوم واحد فقط، ليبقى يوم نقاهة واحد قائمًا كما كان. ومع ذلك، تشير تقارير سابقة صادرة عن الحكومة نفسها إلى أن هذه القرارات لم تكن لتؤثر على الإطار المالي العام، ما يضع علامة استفهام حول دقة تفسيرات الوزارة.
الأسباب الأخرى تكمن في سياسات وزير المالية سموتريتش نفسه. وفقًا لتوضيحات الحكومة، فإن السبب الرئيسي للزيادة يعود إلى خطة الوزير لتقديم إعفاءات ضريبية جديدة في عام 2025. هذه الإعفاءات، التي لم تُعلن تفاصيلها الكاملة بعد، تشمل مناطق الجنوب ومخصصات خاصة للمشاركين في الخدمة الاحتياطية العسكرية، ما يعني أن الحكومة ستخسر إيرادات إضافية تتجاوز 1.5 مليار شيكل.
التأثيرات الاقتصادية والتحديات المقبلة
على الرغم من أن زيادة عُشر في المئة تبدو طفيفة، إلا أنها تُترجم عمليًا إلى حوالي 2 مليار شيكل إضافي في العجز. يُشير محللون إلى أن هذا الارتفاع سيجعل من الصعب على وزارة المالية إقناع أعضاء الكنيست بعدم إجراء تعديلات إضافية على العجز، حيث يُنظر إلى هذه الخطوة كعلامة ضعف في التخطيط المالي الحكومي.
من جانب آخر، تواجه وزارة المالية تحديًا في تمويل الاحتياجات الطارئة. كانت الحكومة تعتمد على التوصل إلى اتفاق مع نقابة المعلمين لحل مشكلة “الاقتطاعات الزائدة” لصناديق التقاعد، ما كان سيُوفر مصادر تمويل إضافية. لكن عدم التوصل إلى اتفاق حتى الآن أجبر الوزارة على إيجاد بدائل، ما أدى إلى تفاقم العجز.
الزيادة في العجز قد تؤثر على مكانة إسرائيل الاقتصادية أمام وكالات التصنيف الائتماني العالمية. ففي ظل عجز يقترب من 5% (إذا أُضيفت الاحتياجات الأمنية المستقبلية)، قد تنخفض ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد الإسرائيلي، مما سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض الحكومي.
إضافةً إلى ذلك، فإن تراجع الحكومة عن سياسات خفض التكاليف تحت ضغوط النقابات يُظهر تحديًا مستمرًا بين الحكومة والهيئات العمالية، مما قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد في المستقبل.
مقالات ذات صلة: الاتفاق الجديد بين الهستدروت ووزارة المالية