في خطوة تسلط الضوء على تعقيدات الأوضاع الحالية في قطاع الطيران، أعلنت مجموعة “لوفتهانزا” (Lufthansa Group)، التي تضم خطوط لوفتهانزا والسويسرية والنمساوية ويورووينغز وغيرها، عن تمديد تعليق رحلاتها إلى إسرائيل حتى 31 يناير 2025، رغم دخول وقف إطلاق النار مع لبنان حيز التنفيذ الأسبوع الماضي. جاء هذا القرار بعد أن كانت المجموعة قد أعلنت في نوفمبر عن نيتها استئناف الرحلات في 15 ديسمبر من هذا العام، لكنها قررت تمديد التجميد بسبب التحديات التشغيلية واللوجستية الناجمة عن الأوضاع الإقليمية.
قرارات مشابهة من شركات طيران أخرى
شهد قطاع الطيران تأثيرات واسعة بسبب الحرب الإسرائيلية على لبنان وما تبعها من تداعيات. فعلى سبيل المثال، قررت شركات طيران كبرى مثل “دلتا” و”فيرجن أتلانتيك” تعليق رحلاتها إلى إسرائيل حتى إشعار آخر، بينما أجلت شركات أخرى مثل “إيبيريا” و”إير إنديا” استئناف رحلاتها إلى أشهر قادمة. أما “رايان إير” و”إيزي جيت”، فقد قررتا وقف العمليات الجوية إلى إسرائيل حتى أبريل المقبل.
على الجانب الآخر، أعلنت بعض الشركات عن استئناف تدريجي للرحلات. شركة “Wizz Air”، التي كانت قد ألغت جميع رحلاتها إلى إسرائيل حتى عام 2025، قررت إعادة تشغيل خط تل أبيب – لارنكا بدءًا من 20 ديسمبر، مع خطط لإعادة تشغيل بقية الخطوط في منتصف يناير. كما أعلنت خطوط إيجين (Aegean Airlines) اليونانية عن عودتها إلى العمل ابتداءً من 10 ديسمبر، بينما استأنفت “الخطوط الجوية الأذربيجانية” عملياتها بين باكو وتل أبيب اعتبارًا من نهاية نوفمبر.
أسباب التردد في العودة
رغم وقف إطلاق النار، لا تزال العديد من شركات الطيران الكبرى مترددة في العودة إلى إسرائيل. يعود ذلك إلى تحويل الطائرات نحو وجهات بديلة وصعوبة إعادة الجداول التشغيلية في ظل استمرار حالة عدم اليقين الأمني. إضافة إلى ذلك، تواجه الشركات تكاليف مرتفعة للتأمين، ما يزيد من أسعار التذاكر بشكل ملحوظ.
وفقًا لتصريحات رؤساء شركات السياحة في البلاد، فإن أسعار الرحلات من وإلى إسرائيل سترتفع هذا الشهر بنسبة تتراوح بين 20% و25% مقارنة بديسمبر من العام الماضي، نتيجة لعدم اليقين في قطاع الطيران وارتفاع الطلب، خاصة مع الأنباء العديدة عن إمكانية استئناف القتال في لبنان، والأحداث العسكرية الأخيرة في سوريا التي تفاعلت معها الأوساط الرسمية الإسرائيلية بالتصريحات.
التحديات القانونية والاقتصادية
على صعيد آخر، ناقشت لجنة الاقتصاد في الكنيست، برئاسة عضو الكنيست دافيد بيتان، تعديل قانون خدمات الطيران بطريقة تضمن حماية حقوق الركاب في حالات التأخير أو الإلغاء، مع الأخذ في الاعتبار ظروف الحرب التي أثرت على التزامات شركات الطيران الأجنبية. ترى الشركات الأجنبية أن القانون الحالي، الذي صُمِّم للأوقات العادية، يضع أعباءً إضافية عليها خلال فترات الطوارئ، ما قد يثنيها عن استئناف رحلاتها إلى إسرائيل.
ومع ذلك، يثير هذا التعديل جدلاً كبيرًا؛ فبينما تدافع الشركات عن ضرورة تعديله لتخفيف التكاليف والمخاطر، يحذر منتقدو الخطوة من أنه قد يؤدي إلى تقليص حقوق الركاب وتقليل التعويضات المستحقة لهم.
ويبدو أن قطاع الطيران، رغم توقف الحرب في لبنان، سيظل يواجه تحديات غير مسبوقة وسيحتاج إلى وقت للتعافي، حيث لا تقتصر التأثيرات على الجانب التشغيلي فقط، بل تمتد إلى الأبعاد الاقتصادية والقانونية. ومع زيادة الطلب وتفاقم الاحتكار، ستواصل أسعار التذاكر الارتفاع على حساب المستهلك النهائي، حتّى إشعار آخر.
مقالات ذات صلة: بعد اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان… هل تعود شركات الطيران إلى إسرائيل؟