سجلت شركات التأمين الكبرى في إسرائيل أرباحًا قياسية خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، حيث بلغت أرباحها 3.8 مليار شيكل، و850 مليون من تأمين السيارات وحدها، ما يمثل زيادة بنسبة 122% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. هذه القفزة في الأرباح تأتي مدفوعة بتحسن كبير في العوائد من الأسواق المالية وزيادات هائلة في أسعار التأمين على السيارات. ومع ذلك، يهدد الارتفاع الحاد في معدلات سرقة السيارات بعرقلة هذه المكاسب، ما قد يؤدي إلى زيادات جديدة في أسعار التأمين.
أرباح استثنائية رغم التحديات
حققت شركات التأمين الكبرى، مثل “هاريل”، “فينكس”، “منوراه”، “مغدال”، و”كلال”، أرباحًا خيالية بلغت ملياري شيكل خلال الربع الثالث من العام وحده، مسجلة زيادة بنسبة 129% مقارنة بالربع ذاته من العام السابق. هذا الأداء الإيجابي يعكس تحسنًا كبيرًا في “الأرباح الاكتتابية”، أي الفرق بين الإيرادات المحققة من أقساط التأمين التي يدفعها العملاء وما تتكفله شركة التأمين من تكاليف إصلاح المركبات مثلًا أو تعويضات السرقة، إضافة إلى مكاسب من العوائد المرتفعة في الأسواق المالية.
فيما يتعلق بتأمين السيارات، شهد القطاع تحولًا كبيرًا في الأداء المالي، حيث سجلت الشركات أرباحًا بلغت 849 مليون شيكل من تأمين السيارات الشامل وتأمين الطرف الثالث منذ بداية العام، مقارنة بخسائر بلغت 88 مليون شيكل في الفترة نفسها من العام الماضي. ويُتوقع أن يتجاوز أرباح هذا القطاع وحده مليار شيكل بنهاية عام 2024، بعد ثلاث سنوات من الخسائر أو الأرباح الهامشية.
زيادات كبيرة في أسعار التأمين
شهدت الفترة بين يناير 2022 ونوفمبر 2023 ارتفاعًا هائلًا في أسعار التأمين على السيارات، حيث زادت الأسعار بنسبة 34% في المتوسط، ووصلت الزيادة في بعض الطرازات إلى أكثر من 60%. هذه الزيادات فرضت عبئًا ماليًا كبيرًا على الأسر في البلاد، التي اضطرت إلى دفع آلاف الشواكل الإضافية سنويًا في وقت يتسم بارتفاع أسعار الفائدة والتضخم وتحديات اقتصادية أخرى ناجمة عن الأوضاع السياسية والمالية.
مع نهاية عام 2023، بدأت أسعار التأمين في الاستقرار نسبيًا. على سبيل المثال، شهدت الفترة بين ديسمبر 2023 وأكتوبر 2024 زيادة طفيفة بلغت 3.5% فقط، وهو تباطؤ كبير مقارنة بالزيادات السابقة. ومع ذلك، فإن المخاطر التي تشكلها سرقات السيارات تهدد بعودة الزيادات في الأسعار، مما يزيد من الضغط المالي على المستهلكين.
معدلات سرقة السيارات تصل إلى مستويات قياسية
ارتفعت معدلات سرقة السيارات في إسرائيل إلى مستويات قياسية، حيث شهدت خمس المدن الكبرى (القدس، تل أبيب، حيفا، ريشون لتسيون، وبيتاح تكفا) 2140 حالة سرقة في الربع الثالث من العام، ما يمثل زيادة بنسبة 30% عن الربع السابق. وتأتي هذه الزيادة بعد فترة قصيرة من التراجع في معدلات السرقات خلال الربع الأخير من عام 2023، نتيجة للتدابير الأمنية المشددة التي فُرضت عقب تصاعد التوترات الأمنية.
مع ذلك، عادت السرقات إلى الارتفاع في عام 2024، ما يثير مخاوف كبيرة بين شركات التأمين والمستهلكين على حد سواء. وتشير التقديرات إلى أن استمرار هذه الزيادة قد يؤدي إلى زيادات إضافية في أسعار التأمين لتغطية الخسائر الناتجة عن المطالبات المتعلقة بالسرقات.
تلعب نسبة الخسارة الإجمالية (Combined Loss Ratio) دورًا حاسمًا في تقييم ربحية شركات التأمين. هذه النسبة تقيس العلاقة بين مطالبات المؤمّنين المدفوعة والتكاليف التشغيلية من جهة، والإيرادات من أقساط التأمين من جهة أخرى. في بداية عام 2023، تجاوزت هذه النسبة 100% في معظم الشركات، ما يعني خسائر تشغيلية. ومع تحسن الأداء المالي، انخفضت النسبة بشكل تدريجي، لكنها عادت إلى الارتفاع في الربع الثالث من عام 2024، ما يعكس تباطؤًا في تحسين الربحية.
الإصلاحات المقترحة وخفض التكاليف
في محاولة للتخفيف من الأعباء المالية على المستهلكين، قدمت وزارة المواصلات والأمان على الطرق اقتراحًا لتغيير طريقة تقييم أسعار قطع الغيار المستخدمة في إصلاح السيارات. ينص الاقتراح على اعتماد أسعار السوق الفعلية بدلاً من الأسعار المحددة من الموردين، التي غالبًا ما تكون أغلى بكثير. هذا الإصلاح يمكن أن يقلل من تكلفة المطالبات وبالتالي يساهم في خفض أسعار التأمين.
مع ذلك، لم يتم توقيع هذا الاقتراح بعد من قبل وزيرة المواصلات ميري ريغيف، وسط مخاوف من تأثير ضغوط أصحاب الورشات. في الوقت ذاته، تفكر شركات التأمين في تمويل عمليات إضافية لوحدة مكافحة سرقة السيارات، كجزء من جهودها للحد من السرقات.
ومع استمرار تحديات سرقات السيارات والضغوط الاقتصادية، تواجه شركات التأمين معضلة في تحقيق التوازن بين حماية أرباحها وتقديم أسعار تأمين معقولة للمستهلكين. الإصلاحات الهيكلية والرقابة الأمنية الأكثر صرامة قد تكون الحل لتحقيق هذا التوازن، مع ضمان استدامة القطاع وتخفيف العبء المالي على المواطنين.
مقالات ذات صلة: هذه أفضل شركات التأمين في تقديم الخدمات للجمهور وهذه أسوأها