في خطوة تعتبر تحولًا بارزًا في السياسات الاستثمارية الأخلاقية، أعلن صندوق الثروة السيادي النرويجي، المعروف باسم صندوق التقاعد الحكومي العالمي وأكبر صندوق ثروة سيادي في العالم، عن قراره بسحب استثماراته من شركة بيزك الإسرائيلية. جاء هذا القرار بسبب تقديم الشركة خدمات الاتصالات للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، وهو ما اعتبره الصندوق انتهاكًا للقانون الدولي.
تبني معايير أخلاقية أكثر صرامة
اتخذ القرار يوم أمس الثلاثاء بعد أن تبنى مجلس الأخلاقيات التابع للصندوق تفسيرًا جديدًا أكثر صرامة لمعايير الأخلاقيات. تتعلق هذه المعايير بالشركات التي تدعم بشكل مباشر أو غير مباشر عمليات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأكد مجلس الأخلاقيات أن تقديم بيزك خدماتها في المستوطنات يساهم في تثبيت وجود هذه المستوطنات غير القانونية وتوسيعها، ما يجعل الشركة شريكة في انتهاك القانون الدولي.
على الرغم من أن شركة بيزك ذكرت أنها تقدم خدماتها أيضًا للمناطق الفلسطينية في الضفة الغربية، إلا أن مجلس الأخلاقيات شدد على أن هذا لا يعفيها من المسؤولية عن تقديمها خدمات للمستوطنات. وأوضح المجلس أن وجود الشركة المادي في المستوطنات يمثل دعمًا مباشرًا لهذه البؤر غير الشرعية بموجب القانون الدولي.
بناءً على هذه التوصيات، قرر مجلس إدارة البنك المركزي النرويجي سحب جميع استثمارات الصندوق في شركة بيزك. وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من سياسة أوسع للصندوق تستهدف تقليل الاستثمارات في الشركات المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان، الفساد، أو الأضرار البيئية.
استثمارات الصندوق في إسرائيل
يمتلك صندوق الثروة السيادي النرويجي استثمارات في إسرائيل بلغت قيمتها 16 مليار كرونة نرويجية (1.41 مليار دولار) حتى نهاية يونيو 2024. تشمل هذه الاستثمارات 77 شركة عاملة في مجالات متنوعة، منها العقارات والبنوك والطاقة والاتصالات، وتشكل هذه الاستثمارات 0.1% فقط من إجمالي أصول الصندوق.
في السابق ذاته، أوقف الصندوق استثماراته في تسع شركات إسرائيلية بسبب أنشطتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومع ذلك، تواجه إدارة الصندوق حاليًا ضغوطًا متزايدة لاتخاذ خطوات أكثر حزمًا في إطار الضغط على إسرائيل لإنهاء سياساتها في الأراضي المحتلة.
مكانة الصندوق عالميًا وأرباحه
يُعد صندوق الثروة السيادي النرويجي أحد أعمدة الاستثمار العالمي، حيث يمتلك 1.5% من الأسهم المدرجة في العالم موزعة على أكثر من 8800 شركة. حقق الصندوق أرباحًا بلغت 1.48 تريليون كرونة نرويجية (138 مليار دولار) خلال النصف الأول من عام 2024، بفضل العوائد القوية على استثماراته في أسهم شركات التكنولوجيا. وبلغت قيمته الإجمالية في نهاية يونيو نحو 17.75 تريليون كرونة نرويجية (1.655 تريليون دولار).
يأتي قرار سحب الاستثمارات من بيزك في وقت حساس يتزامن مع تحقيق مجلس الأخلاقيات في شركات أخرى قد تكون متورطة في دعم العمليات الإسرائيلية على غزة. كما يعكس القرار التزام الصندوق بتعزيز مبادئ العدالة واحترام حقوق الإنسان في استثماراته حول العالم، وقد يشجع المزيد من الشركات والمؤسسات على وقف استثماراتها في إسرائيل، خاصة بعد أوال الاعتقال التي أصدرتها محكمة الجنايات الدولية.
مقالات ذات صلة: انسحاب نرويجي من الاستثمار في شركة “بلانتير” للتكنولوجيا بسبب علاقاتها بإسرائيل