في تحول بارز، تجاوزت عملة بيتكوين حاجز 100 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها، مسجلةً مستوى قياسياً بلغ نحو 103 آلاف دولار في التعاملات الآسيوية. وجاء هذا الإنجاز على خلفية إعلان الرئيس المنتخب دونالد ترمب عن تعيين بول أتكينز، المؤيد للعملات المشفرة، رئيساً لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، ما أشعل موجة من التفاؤل بين المستثمرين بشأن مستقبل الأصول الرقمية.
التأثير المباشر للإعلان
اختيار بول أتكينز، الذي شغل سابقاً منصب مفوض هيئة الأوراق المالية خلال إدارة جورج دبليو بوش، خلفاً لغاري غينسلر الذي عُرف بموقفه الصارم تجاه العملات المشفرة، اعتُبر إشارة واضحة نحو تخفيف اللوائح التنظيمية التي تُثقل كاهل هذا القطاع. أتكينز، المعروف بدعمه لتطوير سوق العملات الرقمية لأغراض المعاملات، يعكس توجهاً جديداً في السياسات الأميركية يعزز مكانة العملات المشفرة على الساحة العالمية.
ترمب، الذي أثنى مراراً على الأصول الرقمية خلال حملته الانتخابية، وعد بتحويل الولايات المتحدة إلى مركز عالمي للعملات المشفرة، بل وأيد فكرة إنشاء احتياطي وطني استراتيجي من بيتكوين. هذه التصريحات، إلى جانب تعيين أتكينز، أطلقت موجة تفاؤل بين المستثمرين، مما دفع أسعار البيتكوين إلى مستويات غير مسبوقة.
السياق الاقتصادي والسياسي
منذ فوز ترمب في الانتخابات الرئاسية في الخامس من نوفمبر، قفزت القيمة السوقية الإجمالية للعملات المشفرة بنحو 1.4 تريليون دولار، ما يعكس تأثير الانتخابات الأميركية على هذا السوق. ومع انتخاب مشرعين مؤيدين للعملات المشفرة في الكونغرس، أصبح من المتوقع أن تشهد هذه الصناعة دعماً تشريعياً وتنظيمياً غير مسبوق.
في المقابل، تعهد ترمب بإلغاء القيود التي فرضتها إدارة بايدن على الأصول المشفرة، ما يعزز توقعات المستثمرين بأن الإدارة الجديدة ستوفر بيئة تنظيمية مواتية تسهم في زيادة اعتماد العملات المشفرة في الأسواق المالية.
وتلفق السوق تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول العملات المشفرة بإيجابية، حيث أكد في منتدى اقتصادي بموسكو أن استخدام بيتكوين والعملات الافتراضية لا يمكن حظره. هذه التصريحات عززت الاتجاه نحو تقبل العملات الرقمية كجزء من النظام المالي العالمي.
بيانات وتحليلات السوق
بحسب بيانات جمعتها منصة “بلومبرغ”، جذبت صناديق استثمار بيتكوين المتداولة في الولايات المتحدة تدفقات صافية بلغت نحو 32 مليار دولار هذا العام، منها أكثر من 8 مليارات دولار بعد إعلان ترمب كرئيس منتخب. كما وصل حجم التداول الإجمالي للأصول المشفرة والمشتقات المرتبطة بها عبر البورصات المركزية إلى مستوى قياسي تجاوز 10 تريليونات دولار في نوفمبر، وفقاً لمنصة “سي سي داتا” (CCData).
على مدى العام الماضي، تضاعفت القيمة السوقية الإجمالية للعملات المشفرة لتصل إلى 3.8 تريليونات دولار، وهو رقم يقارب القيمة السوقية لشركة أبل البالغة 3.7 تريليونات دولار، مما يبرز نمو هذا السوق ونضجه.
التقلبات والانتقادات
ورغم هذا التفاؤل، لا تزال عملة بيتكوين تواجه انتقادات بسبب تقلبها الشديد. فقد ارتفعت بنسبة 135% منذ بداية العام، مما يثير تساؤلات حول استدامة هذا الصعود. يسلط المنتقدون الضوء على مخاطر الاستثمار في العملات المشفرة، خاصة بعد أحداث مثل انهيار منصة التداول “إف تي إكس” في 2022.
في هذا السياق، قامت شركة “ميتو” (Meitu Inc) ببيع جميع حيازاتها من بيتكوين وإيثيريوم مقابل حوالي 180 مليون دولار، مشيرة إلى أن السوق يوفر حالياً فرصة جيدة لتحقيق مكاسب سريعة، لكنها لم تستبعد احتمالات التصحيح الحاد.
يرى أنصار العملات المشفرة أن تجاوز بيتكوين حاجز الـ100 ألف دولار يمثل تأكيداً على مكانتها كمخزن حديث للقيمة ووسيلة للتحوط ضد التضخم. ومع ذلك، يشير محللون، مثل توني سيكامور من “أي جي أستراليا”، إلى أن السوق قد يواجه “حاجز بيع” إذا استمر الارتفاع دون دعم أساسي قوي.
مقالات ذات صلة: نجيب أبو كيلة… رئيس السلفادور فلسطيني الأصل الذي راهن على البيتكوين… و”نجح”