الاقتصاد السوري: سنوات من التراجع والانهيار تحت حكم بشار الأسد

أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة

شهد الاقتصاد السوري خلال حكم الرئيس بشار الأسد تدهورًا غير مسبوق، حيث تفاقمت الأزمات الاقتصادية بالتزامن مع الحرب الدائرة في البلاد. ومع الإعلان عن سقوط نظام الأسد وفراره إلى وجهة مجهولة، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه سوريا هائلة، وتتطلب استجابة فورية وشاملة لإعادة بناء الاقتصاد واستقرار حياة المواطنين.

Assad
حاجز في العاصمة دمشق- صورة توضيحية- المصدر: ويكيميديا

تدهور اقتصادي ممتد

أظهرت تقارير البنك الدولي أن الأوضاع الاقتصادية في سوريا تأزمت بشكل كبير نتيجة استمرار نقص التمويل وتراجع المساعدات الإنسانية، مما أدى إلى استنزاف قدرة الأسر على تأمين احتياجاتها الأساسية وسط ارتفاع الأسعار وانهيار الخدمات الأساسية. كما زادت معدلات البطالة، مما دفع الاقتصاد إلى حافة الانهيار.

تقرير “المرصد الاقتصادي لسوريا، ربيع 2024” أشار إلى أن النشاط الاقتصادي في البلاد سجل تراجعًا بنسبة 1.2% عام 2023، متأثرًا بالصراع وانخفاض النشاط التجاري، خاصة في المناطق الحدودية الغربية. كما أدى انخفاض إنتاج النفط بنسبة 5.5% على أساس سنوي إلى تفاقم الوضع نتيجة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية بسبب الزلازل والصراعات.

ورغم التحسن النسبي في الإنتاج الزراعي عام 2023 نتيجة ظروف مناخية أفضل، إلا أن النزوح الجماعي والأضرار الواسعة التي لحقت بالبنية التحتية الزراعية وشبكات الري أدت إلى انخفاض كبير في المحاصيل.

أثرت الحرب بشدة على قطاعي الصناعة والزراعة، مما جعل سوريا تعتمد بشكل متزايد على الواردات الغذائية والصناعية. وأدى هذا الاعتماد إلى مزيد من الضغوط على الاقتصاد الوطني مع تدهور قيمة العملة السورية.

انهيار الليرة وتفاقم التضخم

شهدت الليرة السورية انخفاضًا حادًا بنسبة 141% أمام الدولار الأميركي في عام 2023، ورافق ذلك ارتفاع تضخم أسعار المستهلكين بنسبة 93%. وقد أدى خفض الدعم الحكومي إلى زيادة الأعباء على المواطنين، بينما سجلت الإيرادات العامة تراجعًا كبيرًا، ما دفع السلطات إلى خفض الإنفاق، خاصة في البرامج الداعمة للأسر الفقيرة.

وتوقع البنك الدولي استمرار التضخم في عام 2024 نتيجة العجز المستمر في أرصدة العملات الأجنبية وخفض الدعم للسلع الأساسية مثل الغذاء والوقود، مما يضع الأسر السورية أمام مزيد من الضغوط المعيشية.

تنامي الفقر وانعدام الأمن الغذائي

في عام 2022، بلغ معدل الفقر في سوريا 69%، متأثرًا بالنزاعات وارتفاع الأسعار. وتشير التقارير إلى أن أكثر من ربع السوريين يعيشون تحت خط الفقر المدقع، بينما تتركز المناطق الأكثر فقرًا في شمال وشرق البلاد، حيث يعيش أكثر من نصف الفئات الأشد فقرًا في محافظات حلب وحماة ودير الزور.

وقد أظهرت الدراسات أن الأسر التي تعيلها النساء والنازحون داخليًا هم الأكثر عرضة للفقر، مما يعكس عمق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد.

تُعد التحويلات المالية من الخارج عاملًا أساسيًا في تقليص معدلات الفقر، حيث تشير البيانات إلى أن التحويلات تُسهم في خفض معدلات الفقر المدقع بنسبة 12 نقطة مئوية، مع تأثير إيجابي على الأسر التي تعتمد على هذا المصدر لتغطية احتياجاتها الأساسية.

التحديات المستقبلية

مع دخول عام 2024، تشير التوقعات إلى استمرار الانكماش الاقتصادي، حيث يُتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.5%، مع تراجع في الاستهلاك الخاص والاستثمار نتيجة استمرار عدم استقرار الوضع الأمني والسياسي.

وتُعد استعادة الاستقرار الاقتصادي تحديًا معقدًا يتطلب استراتيجيات متكاملة لمعالجة تدهور العملة، السيطرة على التضخم، وإعادة هيكلة النظام الاقتصادي ليكون قادرًا على استيعاب الصدمات الخارجية.

مقالات ذات صلة: سوريا على مفترق جديد: أحداث متسارعة بعد الانهيار المفاجئ لنظام الأسد

مقالات مختارة

Skip to content