سوريا التي كانت سجنًا كبيرًا ومزرعةً لعائلة الأسد: هل نجح النظام في تهريب الثروات التي نهبها خلال أكثر من 50 عامًا؟

أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة

مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا فجر الأحد، بدأت تتكشف خفايا تهريب أموال الدائرة المقربة منه، وسط حالة من الغموض والارتباك في الأيام الأولى بعد هروب الأسد إلى روسيا. وبينما ما زالت التفاصيل الدقيقة مجهولة، تُشير تقديرات إلى أن جزءاً كبيراً من أموال النظام خرج من البلاد قبل سقوط دمشق بيد المعارضة.

469569796 983183517173584 292201513110823272 n
مقاتل من المعارضة السورية في إحدى قصور الرئيس السابق بشار الأسد- مصدر الصورة: مواقع التواصل الاجتماعي

تحركات الطائرات والطرق المشبوهة

وفقًا لمصادر موثوقة، تم رصد طائرة خاصة تحمل الرمز (C5-SKY) مسجلة في غامبيا، كانت تقوم برحلات متكررة بين دمشق ودولة خليجية خلال الأيام الثلاثة الأخيرة قبل انهيار النظام. هذه الطائرة، التي تم تشفير بياناتها بالكامل أثناء رحلاتها، يُعتقد أنها كانت تنقل أموالاً وشخصيات من الدائرة المالية للنظام، في محاولة لتأمين ثروات جمعت خلال عقد من الحرب.

وتزامنًا مع هذه التحركات الجوية، أشارت تقارير إلى أن الكثير من الأموال والمواد الثمينة نُقلت إلى ميناء طرطوس، الذي يخضع لسيطرة روسية. ويُرجح أن قاعدة حميميم الجوية الروسية في ريف اللاذقية لعبت دوراً رئيسياً في تهريب هذه الثروات، التي قد تكون وجهتها النهائية موسكو.

الدائرة المالية المحيطة بالنظام

اعتمد الأسد في السنوات الماضية على شبكة من رجال الأعمال وتجار الحرب الذين استفادوا من قربهم من النظام، وشكلوا دعامة اقتصادية رئيسية له. أبرز هذه الشخصيات رامي مخلوف، ابن خال الأسد، الذي كان يسيطر على قطاع الاتصالات في سوريا والذي تمت مصادرة شركاته بعد خلافات علنية، بالإضافة إلى رجال أعمال مثل عائلة القاطرجي، خضر الطاهر (أبو علي خضر)، وسامر فوز، وغيرهم ممن أدرجوا على قوائم العقوبات الغربية.

زوجة الأسد، أسماء الأخرس، لعبت دورًا محوريًا في توجيه وإدارة الأموال، من خلال مكتبها الاقتصادي الذي سيطر على ثروات شخصيات بارزة واستحوذ على أموال “أمراء الحرب”، وقام بعمليات مستمرة لتدفيع “خاوات” لكبار التجار السوريين. ويُعتقد أن أسماء وأقاربها نقلوا جزءاً كبيراً من هذه الثروات إلى الخارج، لا سيما مع اختفائها عن المشهد في الأشهر الأخيرة.

مصير الأموال المهربة

يرى خبراء اقتصاديون أن الكتلة الأكبر من أموال النظام والمقربين منه قد تم تهريبها إلى دول مثل روسيا والنمسا ولبنان والإمارات،حيث تربط الأخيرة علاقات بارزة مع نظام الأسد، وكانت داعمة لقرار عودته إلى جامعة الدول العربية، وترددت تقارير صحفية مؤخرًا أكدت أنّها لعبت دور الوساطة بينه وبين الولايات المتحدة، بعد اندلاع الحرب في لبنان، تضمن عدم مساعدة النظام لحزب الله وإغلاق مكاتبه في سوريا، في مقابل استثمارات إماراتية ومساع لرفع العقوبات.

كذلك، فإنّ عم بشار الأسد، رفعت الأسد، المسؤول عن مجزرة حماة عام 1982، خرج بمئات الملايين من الدولارات إلى فرنسا حسب العديد من التقارير، بعد اتفاق مع شقيقه حافظ الأسد إثر محاولة إنقلابية فاشلة قادها رفعت ضد أخيه. وقد عاد رفعت الأسد قبل سنوات إلى سوريا، بعد مصالحة عائلية تمّت بعد أحكام قضائية أوروبية ضدّه بتهم تتعلق بجرائم حرب وغسيل الأموال.

Bashar and Asmaa al Assad in Moscow
بشار الأسد رفقة زوجته أسماء في موسكو عام 2005- المصدر: ويكيميديا

ويشير العديد من الخبراء إلى أن النظام أنشأ شبكات مالية معقدة في دول مثل الإمارات وروسيا، مع وجود استثمارات متناثرة في أوروبا الشرقية وبعض الدول الأفريقية. هذه الشبكات كانت مصممة للتعامل مع سيناريوهات سقوط النظام، لكنها الآن تُشكل تحديًا أمام محاولات استرداد الأموال.

استعادة الأموال: مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة

رغم تعقيد المشهد، فإن تجارب دول أخرى مثل تونس وليبيا أظهرت إمكانية استعادة جزء من الأموال المهربة. الخطوة الأولى تتمثل في إحصاء شامل للأموال المنهوبة وتوثيقها، يليها إعداد قوائم دقيقة بمساعدة القانون الدولي لملاحقة الثروات خارج البلاد.

مع سقوط الأسد، باتت سوريا أمام تحدٍ اقتصادي جديد يتمثل في استرجاع ما تم نهبه على مدى سنوات، وإعادة بناء اقتصادها على أسس عادلة بعيدًا عن شبكات الفساد والنهب.

مقالات ذات صلة: الاقتصاد السوري… سنوات من التراجع والانهيار تحت حكم بشار الأسد

مقالات مختارة

Skip to content