مهارات القراءة والرياضيات تتراجع في إسرائيل: 70% من العرب ضمن الفئات الأضعف في المهارات اللغوية

أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة
math
صورة توضيحية

كشف تقرير منشور في موقع “كالكاليست” عن أزمة كبيرة تعصف بنظام التعليم الإسرائيلي، حيث تتراجع مهارات الإسرائيليين في القراءة، الرياضيات، وحل المشكلات مقارنة بالدول المتقدمة. الأزمة تطال المجتمع الإسرائيلي ككل، لكنها تبرز بشكل حاد في أوساط العرب الذين يعانون من تهميش مزمن في قطاع التعليم، حيث أظهر التقرير فجوة صارخة بين اليهود والعرب، ما يعمق التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المجتمع العربي.

أظهرت نتائج اختبارات المهارات الدولية أن إسرائيل تحتل مراكز متأخرة للغاية مقارنة بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، حيث جاءت بين المركزين 25 و27 من أصل 31 دولة مشاركة. في مجال مهارات القراءة، سجل الإسرائيليون متوسط نقاط بلغ 244، وهو أقل من المتوسط العام لدول OECD البالغ 260 نقطة. هذه النتيجة تمثل تراجعًا مقارنة بالتقييم السابق في عام 2021، حيث كان متوسط النقاط لإسرائيل 254. الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن نسبة الإسرائيليين المصنفين ضمن الفئات الأدنى في القراءة ارتفعت من 27% إلى 36%، مقارنة بمتوسط 26% فقط في دول OECD.

في مجال الرياضيات، انخفض متوسط النقاط من 251 في عام 2021 إلى 246 في التقييم الأخير، ما وضع إسرائيل في المرتبة 26 من أصل 31. بينما ارتفعت نسبة الإسرائيليين ضمن الفئات الأدنى في هذا المجال من 31% إلى 34%، يظل المتوسط لدول OECD أقل بكثير عند 25%. أما في حل المشكلات، الذي تم تقييمه لأول مرة، فقد سجل الإسرائيليون متوسط نقاط بلغ 236 فقط، مقارنة بمتوسط OECD البالغ 251، وجاءت إسرائيل في المرتبة 25، ما يعكس ضعفًا عامًا في التفكير النقدي والقدرة على التكيف.

التقرير سلط الضوء على الفجوة الكبيرة بين العرب واليهود في المهارات الأساسية. في القراءة، بلغ متوسط نقاط العرب 215 مقارنة بـ256 لدى اليهود، ما يظهر فجوة كبيرة. الأكثر إثارة للقلق أن نسبة العرب المصنفين ضمن الفئات الأدنى في القراءة قفزت من 46% في التقييم السابق إلى 70% حاليًا، في حين أن هذه النسبة بلغت 25% فقط بين اليهود. في الرياضيات، الفجوة لم تكن أقل حدة، حيث سجل العرب متوسط نقاط بلغ 215 مقابل 256 لليهود، مع نسبة عالية من العرب (34%) ضمن الفئات الأدنى، مقارنة بـ25% فقط بين اليهود.

هذه الفجوات ليست مجرد أرقام، بل تعكس واقعًا اجتماعيًا واقتصاديًا صعبًا. يشير التقرير إلى أن ضعف المهارات لدى العرب يجعلهم أقل قدرة على الاندماج في سوق العمل، خاصة في الوظائف التي تتطلب مهارات تقنية أو إدارية. هذا الوضع يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة بين العرب ويزيد من احتمال انضمام الشباب إلى الجريمة المنظمة نتيجة غياب الفرص الاقتصادية.

التقرير يشير أيضًا إلى أن النظام التعليمي العربي في إسرائيل يعاني من نقص حاد في الموارد والاستثمار. طوال 76 عامًا، ظلت المدارس العربية تعاني من إهمال مزمن، حيث لم تُخصص الحكومة الإسرائيلية الموارد الكافية لتحسين جودة التعليم فيها. كما أن النظام التعليمي العربي يعتمد بشكل كبير على التلقين والحفظ بدلًا من تعزيز التفكير النقدي وحل المشكلات، ما يترك الطلاب غير مستعدين للتحديات التي يفرضها سوق العمل الحديث.

Nazareth 5890958226
طلاب عرب في الناصرة- صورة توضيحية- المصدر: ويكيميديا

الأزمة في إسرائيل لا تتوقف عند التعليم العربي، بل تشمل أيضًا الفجوة بين اليهود الحريديم وغيرهم. أظهرت النتائج أن الرجال الحريديم يعانون من ضعف المهارات مقارنة بالنساء في مجتمع الحريديم، رغم أنهم يقضون سنوات طويلة في الدراسة داخل المعاهد الدينية.

من الناحية الاقتصادية، ضعف المهارات يؤثر بشكل مباشر على الإنتاجية. يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للفرد في إسرائيل (المعدل حسب القوة الشرائية) حوالي 54,500 دولار، ما يضعها في المرتبة 36 عالميًا والمرتبة 24 بين دول OECD. ومع ذلك، يساهم العرب بنسب أقل بكثير في الاقتصاد نتيجة لضعف المهارات وانخفاض معدل التشغيل، وهو ما ينعكس على مستوى معيشتهم وإمكانية اندماجهم في المجتمع.

الأزمة التعليمية الإسرائيلية هي نتيجة لعقود من السياسات غير المستقرة في قطاع التعليم. خلال الثلاثين عامًا الماضية، شغل وزارة التعليم 15 وزيرًا مختلفًا، ما حال دون تبني استراتيجية طويلة الأمد لتحسين النظام التعليمي. ورغم الخطابات المستمرة حول أهمية التعليم، لم تُترجم هذه الشعارات إلى سياسات عملية تسهم في معالجة التحديات.

مقالات ذات صلة: التهميش والإهمال في التعليم العربي… كيف يمكن الحديث عن “اندماج”؟

مقالات مختارة