
شهد الاقتصاد العالمي في عام 2024 أداءً قويًا، حيث توقّع صندوق النقد الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 3.2%. تزامن ذلك مع تراجع معدلات التضخم واستمرار نمو التوظيف بقوة، بينما حققت أسواق الأسهم العالمية مكاسب تجاوزت 20% للعام الثاني على التوالي. ومع ذلك، وكما أوردت صحيفة “الإيكونوميست”، فإن هذه الصورة الإيجابية تخفي تباينات واسعة بين أداء الاقتصادات الفردية.
في تقييمها لأداء الاقتصادات، اعتمدت الصحيفة على خمسة مؤشرات رئيسية شملت الناتج المحلي الإجمالي، وأداء سوق الأسهم، والتضخم الأساسي، ومعدلات البطالة، والفائض أو العجز الحكومي الأولي. وقد أظهرت النتائج تفوق دول حوض البحر الأبيض المتوسط للعام الثالث على التوالي. واحتلت إسبانيا الصدارة، تلتها اليونان وإيطاليا، بينما جاءت أيرلندا والدانمارك في المرتبتين الرابعة والخامسة على التوالي. في المقابل، عانت دول شمال أوروبا مثل بريطانيا وألمانيا من أداء اقتصادي مخيب، بينما تذيلت لاتفيا وإستونيا القائمة.
فيما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي، كانت إسبانيا الأكثر تميزًا، حيث تجاوز نموها 3%، مدفوعًا بسوق عمل قوي ومستويات هجرة مرتفعة. على النقيض، شهدت ألمانيا وإيطاليا تأثيرات سلبية بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة وتباطؤ قطاعي التصنيع والسياحة. أما اليابان، فقد سجلت نموًا ضئيلًا بنسبة 0.2%، في حين دخلت اقتصادات مثل المجر ولاتفيا في حالة ركود.
أما في سوق الأسهم، فقد حققت الولايات المتحدة مكاسب بنسبة 24%، بفضل ارتفاع تقييمات شركات التكنولوجيا. كما شهدت كندا أداءً إيجابيًا مدعومًا بقطاعي الطاقة والخدمات المصرفية. في اليابان، ارتفع مؤشر “نيكاي 225” إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، رغم أن الأداء السنوي الإجمالي كان متوسطًا. ومع ذلك، تراجعت الأسهم في فنلندا وكوريا الجنوبية، حيث تأثرت الأخيرة بالأحداث السياسية الأخيرة.

فيما يخص التضخم الأساسي، الذي يستثني المكونات المتقلبة مثل الغذاء والطاقة، لاحظت الصحيفة أن العديد من الدول ما زالت تعاني من ضغوط ارتفاع الأسعار، خاصة في بريطانيا وألمانيا. في المقابل، تمكنت دول مثل فرنسا وسويسرا من السيطرة على معدلات التضخم، حيث انخفضت إلى أقل من 2%.
في سوق العمل، استمرت معدلات البطالة في الانخفاض، خاصة في دول جنوب أوروبا. شهدت اليونان وإيطاليا وإسبانيا تحسنًا ملموسًا، حيث سجلت إيطاليا انخفاضًا في البطالة بنسبة 1.4% منذ بداية العام. أما في أميركا وكندا، فقد ارتفعت البطالة قليلاً بسبب زيادة الهجرة وعمليات التسريح.
أخيرًا، فيما يتعلق بالعجز أو الفائض الحكومي الأولي، سجلت دول مثل الدانمارك والبرتغال فائضًا نادرًا بفضل انضباط مالي صارم، بينما استفادت النرويج من عائدات النفط وأيرلندا من ضرائب الشركات غير المتوقعة. في المقابل، تفاقمت الأوضاع المالية في دول مثل بولندا بسبب الإنفاق الدفاعي، وفي اليابان نتيجة الحوافز المالية الكبيرة. أما بريطانيا، فقد فشلت في إصلاح ماليتها العامة، مما زاد من تعقيد مشاكلها الاقتصادية، بينما تعاني فرنسا من اضطرابات سياسية أثرت على قدرتها على ضبط الإنفاق.
مقالات ذات صلة: قصة كوريا الجنوبية… من ركام الحرب إلى قمة الاقتصاد العالمي