شهدت الفترة الأخيرة نزاعًا قانونيًا بين بنك هبوعليم والمنظمة الخيرية الإسرائيلية أطباء لحقوق الإنسان حول طلب المنظمة تحويل مليون شيكل لشراء أدوية ومعدات طبية مخصصة لقطاع غزة. المنظمة، التي تمثل أطباء وناشطين للدفاع عن حقوق الإنسان في مجال الصحة، رفعت دعوى قضائية تطالب البنك بالموافقة على التحويل المالي الذي رفضه بحجة المخاطر الأمنية المرتبطة بالقطاع.

تفاصيل النزاع وردود الأطراف
وفقًا لتقرير موقع كالكاليست، بدأ النزاع في مارس 2024 عندما طلبت المنظمة تحويل مبلغ مليون شيكل إلى بنوك في مصر أو أوروبا بهدف شراء أدوية، ومعدات طبية، وأغذية للأطفال ليتم نقلها إلى غزة عبر مصر. البنك رفض الطلب مشيرًا إلى أن القطاع تم تصنيفه كـ”كيان معادٍ” من قبل الحكومة الإسرائيلية منذ عام 2007، وهو ما يمنع البنك من تقديم خدمات مالية تتعلق بغزة أو سكانها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
في ردها القانوني، أكدت المنظمة أن التحويل المالي كان سيتم تحت إشراف أمني كامل، وأن المعدات الطبية يتم فحصها مسبقًا من قبل السلطات الإسرائيلية قبل دخولها القطاع. وأشارت المنظمة إلى أن البنك رفض التحويل ليس بسبب مخاوف قانونية تتعلق بتمويل الإرهاب أو غسيل الأموال، بل بناءً على رفض عام لأي نشاط يتعلق بغزة.
أما بنك هبوعليم، فقد أوضح في بيان دفاعه أن رفض التحويل يأتي انسجامًا مع التزام البنوك الإسرائيلية بدورها في “مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب”، وهو دور تم تحديده بموجب القانون. البنك أشار أيضًا إلى أن تحويل الأموال قد يخلق مخاطر تتعلق بعدم القدرة على تتبع وجهة المعدات الطبية وضمان عدم وصولها إلى “جهات إرهابية في القطاع”.

اتهامات متبادلة
من جهتها، انتقدت المنظمة قرار البنك واصفة إياه بأنه “غير أخلاقي ويتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان”، وأكدت أن هذا القرار يعوق تقديم مساعدات إنسانية ضرورية لإنقاذ الأرواح في غزة. في المقابل، شدد البنك على أنه يسمح للمنظمة بمواصلة أنشطتها المصرفية الأخرى، ولكنه رفض الموافقة على التحويلات التي تنطوي على مخاطر كبيرة، خاصة خلال فترة الحرب.
وفقًا لوثائق المحكمة، تعتمد حجة البنك على تقييمات أمنية من الحكومة الإسرائيلية تشير إلى أن “حركة حماس تستغل المساعدات الإنسانية لأغراض عسكرية”. كما أوضح البنك أن دوره في هذه القضية لا يهدف إلى جني الأرباح، بل يعكس “مسؤولية قانونية وإدارية لحماية المصالح الوطنية والعامة”.
تستمر القضية في المحاكم، حيث يطالب البنك برفض الدعوى وإلزام المنظمة بتغطية تكاليف المحاماة. في حين تواصل المنظمة جهودها للضغط من أجل تغيير القرار والمضي قدمًا في تقديم المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، الذين يعانون من حربٍ لا تتوقف منذ أكثر من 400 يوم.
مقالات ذات صلة: إعادة إعمار غزة… مهمّة شاقّة ستكلّف أكثر من 80 مليار دولار ولن تبدأ إلّا بعد إزالة 42 مليون طنّ من الأنقاض