في خطوة نوعية لدعم التمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء البدويات في النقب، أعلنت جمعية “سدرة” عن إطلاق أول تعاونية زراعية للنساء البدويات تحت اسم “ريا”. تأتي هذه المبادرة ضمن جهود الجمعية لخلق فرص عمل تتناسب مع الظروف المعيشية في قرى النقب، خاصة تلك غير المعترف بها، التي تعاني من الفقر وضعف الخدمات الأساسية.
فرص عمل تتحدى العقبات
تشكل التعاونية الزراعية الجديدة حلاً مبتكراً يهدف إلى دمج النساء البدويات في سوق العمل، متجاوزةً التحديات التي تواجههن، مثل نقص المواصلات، وغياب حضانات الأطفال، وضعف المهارات الشخصية. وفي هذا السياق، قالت خضرة الصانع، مديرة جمعية سدرة: “إقامة التعاونية تفتح المجال أمام النساء اللواتي لا يستطعن مغادرة قراهن للعمل بجوار منازلهن، والمساهمة في إعالة عوائلهن، وهو أمر حيوي لتحسين الوضع الاقتصادي في منطقة تعاني من أعلى معدلات الفقر في الدولة”.
أوضحت سميرة أبو عجاج، مركزة المشروع، أن تأسيس التعاونية مرّ بخطوات مهنية شملت تدريبات أولية لتطوير المهارات الشخصية وفهم أهمية العمل التعاوني والجماعي. وتبع ذلك تدريبات زراعية ودراسات خاصة حول زراعة وإنتاج الزعتر في البيئة الصحراوية للنقب. وأشارت أحلام العمور، وهي عضوة في تعاونية “ريا”، إلى أن المشروع أحدث تحولاً كبيراً في حياتهن، قائلة: “التعاونية ساعدتنا على تطوير مهارات متعددة وخلقت تغييراً اجتماعياً واقتصادياً ملموساً”.
نتائج إيجابية غير مسبوقة
أظهرت نتائج تقييم المشروع الذي أجرته البروفيسورة مارشا زيباليز كروفورد من جامعة كاليفورنيا، أن المشروع حقق نتائج إيجابية ممتازة في تطوير المهارات الشخصية للنساء البدويات. وأكدت أن الاستثمار في هذه التعاونية قادر على إحداث تغيير اقتصادي كبير في القرى المستهدفة. كما أشارت إلى تأثيرات أخرى لا تقل أهمية عن الجانب الاقتصادي، مثل تحسين الأمن الغذائي، والحالة الصحية والنفسية للنساء المشاركات.
ورغم الظروف الصعبة، أبدت النساء البدويات تصميماً وإصراراً على إنجاح المشروع وتحقيق تغيير حقيقي. وخلال السنة التجريبية الأولى، فاجأ المشروع الجميع بتحقيق إنتاج زراعي بلغ 500 كيلوغرام من الزعتر، مما مكّن التعاونية من إنتاج وتسويق أول سبعة منتجات محلية من الزعتر. تُباع هذه المنتجات حالياً في معارض محلية وعبر منصات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى موقع التعاونية الإلكتروني.
يمثل مشروع “ريا” نموذجاً ملهماً للتعاونيات الزراعية التي تساهم في تحقيق التغيير الاقتصادي والاجتماعي في المناطق المهمّشة. وقد نجحت النساء البدويات في تحويل التحديات إلى فرص حقيقية، وفتح آفاق جديدة نحو مستقبل أفضل لهن ولأسرهن.
مقالات ذات صلة: عام 2024… 1.7 مليار شيكل فقط صُرفت على المجتمع العربي من أصل 5.5 مليار شيكل رُصِدَت له ضمن الخطة 550