فرصة استراتيجية أمام المشغّل العربي
يشهد سوق العمل المحلي تغيرات جذرية تتيح للشركات العربية فرصة استثنائية لرفع كفاءتها التشغيلية وتعزيز قدرتها التنافسية من خلال استقطاب المواهب العربية. تأتي هذه الفرصة في ظلّ تأثيرات الحرب وارتفاع معدّلات البطالة إثرها. لا يعني توظيف الكفاءات الجديدة إضافة موارد بشرية فقط، بل يعتبر ركيزة أساسية لتسريع الابتكار وتحقيق نمو مؤسسي مستدام.
تحولات سوق العمل: فرصة لخلق قيمة مضافة
تشير البيانات الحالية إلى زيادة كبيرة في عدد المهنيين المؤهلين العرب الذين يبحثون عن بيئات عمل توفر لهم الأمان الوظيفي والتقدير المهني، اللذَين يُعزِّزان لديهم الانتماء المؤسسي. هذه التحوّلات، التي دفعتها التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، تُقدّم للشّركات العربيّة فرصة ذهبيّة لاستقطاب كفاءات ذات خبرة قادرة على دعم وتحقيق الأهداف المؤسسية وتطوير الأداء الداخلي.
هذه الكفاءات والخبرات، تؤدي إلى خلق بيئة عمل متنوّعة وبناء فريق عمل متنوّع الخبرات، إذ يُعتبَر التنوّع أحد المحركات الرئيسية لتعزيز الإبداع المؤسسي. استقطاب مواهب من خلفيات وخبرات متنوعة لا يُثري النقاشات والأفكار فحسب، بل يساهم أيضًا في تطوير حلول مبتكرة تواكب احتياجات السوق المتغيرة. هذه الاستراتيجية ليست مجرد خطوة لتحسين الأداء، بل هي فرصة للتوسّع الجريء نحو أهداف أكبر بفضل الكوادر التي تضيف أبعادًا جديدة لثقافة الشركة وأدائها.
ماذا يتطلّب من المشغِّل كي يستقطب هذه المواهب؟
أ. الشراكة بين الموارد البشرية والإدارة الاستراتيجية
- وضع خارطة طريق شاملة: بالتعاون مع أقسام التطوير الاستراتيجي، يتمّ تحديد رؤية طويلة الأمد لاستقطاب المواهب بما يتماشى مع أهداف الشركة.
- تحليل الفجوات المهارية: تقييم الاحتياجات المستقبلية للمهارات التي تدعم خطط الشركة التنموية.
- قياس الأداء: استخدام مؤشرات دقيقة لتحديد تأثير استقطاب المواهب على الإنتاجية والابتكار.
ب. استقطاب المواهب كجزء من التحوّل المؤسسي
- التركيز على المهارات المستقبلية: البحث عن الكفاءات المتخصصة في مجالات التحوّل الرقمي، والذكاء الاصطناعي، وحلول البيانات.
- تصميم بيئة عمل مرنة ومستدامة: عبر نماذج العمل الهجينة “الهايبريدي”، التي تُمكّن الموظفين من تحقيق توازن صحي بين العمل عن بُعد والحضور المكتبي، ما يُحسِّن من إنتاجيتهم ورضاهم الوظيفيّ.
دور الموارد البشرية كشريك استراتيجي ومحرك للتغيير
يُعَد استثمار الشركات العربية في استقطاب وتنمية المواهب حجر الزاوية لتحقيق التميز المؤسّسي. الموارد البشرية، بوصفها محركًا للتغيير وشريكًا في تحقيق الأهداف الاستراتيجية، تلعب دورًا حيويًا في هذا التحول. من خلال بناء ثقافة تعزز التنوع والابتكار، وتقديم فرص حقيقية للتطوير المهني، تصبح الشركات قادرة على مواجهة التحديات المتغيرة في السوق وتحقيق الريادة.
الشركات التي ترى في الكفاءات البشرية أصلًا استراتيجيًا ستكون الأكثر قدرة على التكيف مع المتغيرات، ما يضعها في مقدمة المنافسة ويؤهلها لتحقيق نجاح مستدام في عالم متسارع ومتغير.
* المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة موقع وصلة للاقتصاد والأعمال