تظهر أحدث بيانات تقرير الفقر لعام 2023 الصادر عن مؤسسة التأمين الوطني صورة قاتمة للوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، حيث تحتل إسرائيل المرتبة الثانية بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) من حيث معدل الفقر بعد كوستاريكا، حيث يعيش 1.98 مليون مواطن تحت خط الفقر، بينهم 872,400 طفل فقير، وتزداد الأرقام قتامة في المجتمع العربي.
الفقر وعدم المساواة: أرقام تعكس أزمة حقيقية
وفقًا للتقرير، تحتل إسرائيل المرتبة السابعة في مؤشر عدم المساواة بين الدول المتقدمة، حيث سجلت مستويات مرتفعة في مؤشر جيني، ما يعكس فجوة كبيرة بين الطبقات الاجتماعية. فقط الولايات المتحدة، تركيا، المكسيك، تشيلي، كوستاريكا، وليتوانيا سجلت معدلات أعلى.
أحد أبرز أسباب هذه الأرقام هو انخفاض الإنفاق الحكومي على الرفاهية. في عام 2023، ارتفع الإنفاق العام على الرفاهية في إسرائيل إلى 16.6% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ15.8% في عام 2022، ولكن هذا الرقم يظل بعيدًا عن متوسط دول OECD البالغ 22.4%. وعلى سبيل المثال، تنفق فرنسا حوالي 32% من ناتجها المحلي على الرفاهية، أي ضعف ما تنفقه إسرائيل.
الفقر بين المجموعات السكانية المختلفة وفي المدن
رغم انخفاض طفيف في معدلات الفقر في البلاد بين كافة المجموعات بين عامي 2022 و2023، حيث انخفضت من 20.8% إلى 20.7%، إلا أن الوضع لا يزال مأساويًا مقارنة بالأرقام العالمية. وفي عام 2023، بلغت معدلات الفقر بين العائلات العربية 38.4%، وبين العائلات الحريدية 33%. بالمقابل، كان معدل الفقر بين اليهود غير الحريديين أقل بكثير، حيث بلغ 14%، وهو ما يعكس عمق التفاوت والتمييز بين الفئات المجتمعية.
كما يتضح أن عدد المساهمين في دخل الأسرة يلعب دورًا كبيرًا في تحديد معدلات الفقر. فبين العائلات التي لديها معيلان، يبلغ معدل الفقر 8.7%، بينما يرتفع إلى 22.2% بين العائلات ذات معيل واحد، ويصل إلى 64.8% بين العائلات التي لا تضم معيلين.
تتركز أعلى معدلات الفقر في المدن ذات الكثافة السكانية الحريدية. على رأس القائمة تأتي موديعين عيليت، حيث يعيش حوالي نصف السكان تحت خط الفقر بنسبة 48.3%. يليها القدس بنسبة 38.3%، ثم بيت شيمش بنسبة 36.3%، وبني براك بنسبة 30.7%. أما اللد، التي تضم مزيجًا من السكان العرب والحريديين، فسجلت نسبة فقر تبلغ 21.2%.
العائلات الكبيرة تحت ضغط أكبر
تعاني العائلات التي تضم أربعة أطفال أو أكثر من معدلات فقر مرتفعة جدًا، حيث بلغت 41.5% في عام 2023، مقارنة بـ17.7% بين العائلات التي تضم من طفل إلى ثلاثة أطفال. ويُحذر التقرير من أن الفقر بين الأطفال لا يؤثر فقط على مستوى معيشتهم الحالي، بل يضر أيضًا بتطوير رأس المال البشري، ما ينعكس سلبًا على قدرتهم على الكسب في المستقبل.
سجلت معدلات الفقر بين العائلات التي يرأسها عاملون مستقلون ارتفاعًا من 13.3% في عام 2022 إلى 13.8% في عام 2023، ويرجع ذلك إلى الأزمات الاقتصادية التي واجهوها بسبب الحرب، والتي لم تتمكن المساعدات الحكومية من تعويض آثارها بالكامل، تمامًا كما حدث خلال أزمة كورونا. وأشار التقرير إلى ضرورة تصميم سياسات مخصصة لدعم المستقلين خلال الأزمات.
مقالات ذات صلة: مهارات القراءة والرياضيات تتراجع في إسرائيل… 70% من العرب ضمن الفئات الأضعف في المهارات اللغوية