تستمر شركة ميتا في انتهاك حقوق الفلسطينيين الرقمية من خلال سياسات وإجراءات تعزز من التمييز الرقمي ضد المحتوى الفلسطيني. وتأتي هذه الاتهامات مدعومة بأدلة وشهادات من مؤسسات إعلامية وشخصيات بارزة، كان آخرها تقرير مركز حملة بعنوان “محو وقمع: شهادات فلسطينيّة عن رقابة ميتا“، الذي أشار إلى تقييدات صارمة وحذف تعسفي للمحتوى الفلسطيني، في حين يسمح بخطاب الكراهية والتحريض ضد الفلسطينيين باللغة العبرية بالمرور دون رادع.
تمييز يتصاعد أثناء الأزمات الحرجة
في عام 2022، وبعد عامٍ من احتجاجات الشيخ الجراح والعدوان على قطاع غزة، كلفت ميتا شركة “الأعمال من أجل المسؤولية الاجتماعية” بإعداد تقرير حول تأثير سياساتها على حقوق الإنسان في إسرائيل وفلسطين. خلص التقرير إلى أن سياسات ميتا أظهرت تحيزًا واضحًا ضد المحتوى العربي، حيث كانت أنظمة الإشراف الآلي على المحتوى أكثر عدوانية تجاه الفلسطينيين، بينما مرّ التحريض والدعوات إلى العنف باللغة العبرية دون رقابة كافية.
تصاعدت الانتهاكات بعد الحرب الحالية على قطاع الغزة في السابع من أكتوبر عام 2023. وفقًا لتقرير المرصد الفلسطيني لانتهاكات الحقوق الرقمية، تم تسجيل 1,551 انتهاكًا، منها 69% على منصات ميتا مثل فيسبوك وإنستغرام.
تضمنت الانتهاكات كذلك تخفيض عتبة الثقة لأنظمة الإشراف الآلي على المحتوى الفلسطيني من 80% إلى 25%، هذا التغيير يعني أن الخوارزميات أصبحت تحذف أي محتوى بمجرد تقييمه على أنه غير ملائم بنسبة 25% فقط، ما يجعل الحذف يطال العديد من المنشورات الفلسطينية على اختلاف أنواعها. وقد تمّ أيضًا فرض قيود على حسابات الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، حتى دون نشر أي محتوى جديد.
شهادات من المؤسسات الإعلامية الفلسطينية
تضمن تقرير حملة شهادات من المؤسسات الإعلامية والمؤثرين والصحفيين الفلسطينيين، على اختلاف أماكن وجودهم، ومن هذه الشهادات:
- عرب 48: أكد الموقع الإخباري أن صفحته على فيسبوك حُذفت مرتين دون سابق إنذار، ما أدى إلى خسارة قناة رئيسية للتواصل مع الجمهور. أما صفحتهم على إنستغرام، فقد تقلص الوصول إليها بشكل كبير، ليصل عدد المشاهدات إلى أقل من 2000 متابع لكل منشور.
- فارءه معاي: عانت المنصة من تقييدات مستمرة على المحتوى، بما في ذلك حذف منشورات ورفض حذف التعليقات العنصرية ضد العرب. بالإضافة إلى ذلك، ماطلت إدارة ميتا في حذف صحفات على الانستغرام انتحلت اسم المنصّة.
- الجرمق الإخباري: أوضح طاقم الجرمق أن متوسط المشاهدات اليومية للمنشورات والقصص تراجع من 10,000 إلى 2,500 بعد فرض القيود. كما أشاروا إلى أن المنصة تعرضت لحظر البث المباشر وحذف محتوى خلال الأحداث الهامة.
- مصطفى قبلاوي: كإعلامي ومؤثر، أوضح أن عدد مشاهداته تراجع بشكل حاد، حيث انخفضت من 70 ألف مشاهدة إلى أقل من 15 ألفًا خلال أحداث الحرب على غزة. وأكد أن هذه التقييدات أثرت بشكل مباشر على إيراداته الإعلانية وعلى استمرارية عمله كمبدع محتوى.
…أثر اقتصادي أيضًا
مثلما تعرّض الإعلاميّ مصفطى قبلاوي إلى تقييدات أثرت على إيراداته المالية، تعرضت صفحة Ask Jerusalem، التي بدأت في عام 2015 كمجموعة فيسبوك مخصصة للإجابة عن استفسارات سكان القدس، لضربات اقتصادية كبيرة نتيجة لتضييقات ميتا المتكررة. كانت الصفحة تخدم مئات الآلاف من الفلسطينيين المقدسيين وتوفر لهم معلومات حيوية، بالإضافة إلى دعمها للمصالح التجارية المحلية من خلال الإعلان عن المنتجات والخدمات.
مع الإغلاق الأول للصفحة في عام 2021 خلال أحداث الشيخ جراح، واستمراره لمدة عام كامل، واجهت الصفحة خسائر فادحة في قدرتها الإعلانية، ما أثر بشكل مباشر على دخلها المالي. وبعد استعادة الصفحة، لا تزال القيود المفروضة على الوصول إلى المنشورات قائمة، الأمر الذي قلل من عدد المستخدمين الذين تصل إليهم الإعلانات والمحتوى.
يمثل هذا الظلم الاقتصادي عقبة كبيرة أمام التنمية الاقتصادية للمجتمع الفلسطيني على اختلاف أماكن وجوده، ويعكس سياسات ميتا التي تتسبب في معاناة مزدوجة للفلسطينيين، سواء على مستوى التعبير عن أنفسهم أو على مستوى تعزيز اقتصادهم المحلي.
مقالات ذات صلة: باي بال تقول “لكلّ شخصٍ الحقّ في مشاركة كاملة بالاقتصاد العالميّ”، لكنّ أفعالها تؤكّد: “إلّا إذا كنتَ فلسطينيًّا”!