قدّم خمسة فلسطينيين وقيادات ثلاث قرى في الضفة الغربية شكوى ضد شركة “أكسل شبرينغر” (Axel Springer)، وهي شركة إعلامية كبرى تمتلك عدة شركات فرعية من بينها موقع yad2، جاء في الشكوى أن نشر إعلانات بيع وتأجير شقق في المستوطنات يخالف القانون الألماني ويُسهم في انتهاك حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة. ستقرر السلطات الألمانية في الشهر القادم ما إذا كانت ستفتح تحقيقًا رسميًا قد يضطر الشركة إلى وقف هذه الإعلانات أو مواجهة غرامة تصل إلى 78 مليون يورو.
مقدمو الشكوى ينتمون إلى بلدات سلفيت، إسكاكا، ومردة المحيطة بمستوطنة أرئيل، إضافة إلى بلدة الطيبة الواقعة شرق مستوطنة عوفرا. قُدمت الشكوى في نوفمبر عبر مركز “القدس لحقوق الإنسان”، وهو منظمة حقوقية تعمل من رام الله.
تتمحور الشكوى حول الادعاء بأن شركة “أكسل شبرينغر” تنتهك تشريعات ألمانية دخلت حيز التنفيذ قبل نحو عامين، تُلزم الشركات بإجراء فحص شامل لأعمالها لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان. ووفقًا للشكوى، لم تقم الشركة بواجبها في هذا الشأن، ما أدى إلى انتهاكات لحقوق الإنسان في الضفة الغربية، بما في ذلك سرقة أراضٍ فلسطينية، بعضها خاص وبعضها مملوك للقرى المذكورة، لصالح المستوطنات. تشير الشكوى إلى إعلانات على موقع yad2 تروج لعقارات جديدة في أرئيل، على أراضٍ محددة يؤكّد المشتكون أنها صودرت منهم.
وفقًا لأحد المحامين المشاركين في تقديم الشكوى، فإن الادعاء الرئيسي يتمثل في سرقة الأراضي، مستندًا إلى تصريحات سابقة للحكومة الألمانية تعتبر أن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي لأنها مقامة على أراضٍ محتلة.
وفقًا لما ذكره المحامي، فإن القانون الذي تم سنه ضمن إطار وزارة الشؤون الاقتصادية وشؤون التصدير الفيدرالية الألمانية (BAFA) وينظم انتهاكات حقوق الإنسان في سلسلة توريد المنتجات، يلزم شركة “أكسل شبرينغر” بإجراء تقييم للمخاطر والعمل على تقليل احتمالات انتهاك حقوق الإنسان في جميع ما يُعرف بمناطق نشاطها التجاري، بما في ذلك الشركات التابعة لها مثل yad2.
“علاقة وثيقة مع إسرائيل”
يدّعي المشتكون أنه على الرغم من توجههم إلى شركة “أكسل شبرينغر” بخصوص تصاعد العنف ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الأراضي المحتلة خلال العام الماضي، وأيضًا في ظل تصريحات مسؤولين إسرائيليين حول إنشاء مستوطنات في شمال قطاع غزة، لم تقم الشركة بإجراء تقييم للمخاطر في منطقة تأثيرها.
تُشير الشكوى أيضًا إلى سياسة واضحة لموقع yad2، مستشهدة بإعلان نُشر في ديسمبر 2023 (وتم عرضه أيضًا في صحيفة TheMarker) يظهر فيه خريطة لإسرائيل دون الخط الأخضر، مع نص يقول: “من البحر إلى النهر — yad2 يساعدكم على التطلع إلى الأمام وبناء مستقبل في منزلكم الجديد في إسرائيل”.
وفيما يتعلق بالعلاقة الوثيقة بين “أكسل شبرينغر” وإسرائيل وافتقارها للحياد في الصراع، تستشهد الشكوى بتسريبات من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى صحيفة Bild التابعة لمجموعة “أكسل شبرينغر”، والتي تخضع حاليًا لتحقيق.
يطالب المشتكون بأن يصدر مكتب BAFA أمرًا يلزم شركة “أكسل شبرينغر” بأن تفرض على موقع yad2 إيقاف جميع الإعلانات المتعلقة بالممتلكات في المستوطنات خلال فترة التحقيق، كإجراء احترازي. كما يطالبون الشركة بوضع سياسة تمنع نشر مثل هذه الإعلانات مستقبلًا، إضافة إلى مطالبة yad2 بإنشاء آلية للإبلاغ عن الانتهاكات عبر الموقع نفسه، بحيث يتمكن المستخدمون الذين يلاحظون إعلانات لممتلكات في المستوطنات تُثير الشكوك حول سرقة أراضٍ من تقديم بلاغات، وتتعهد الشركة بإجراء تحقيق جاد في هذه الادعاءات.
وفقًا للمحامي الذي شارك في تقديم الشكوى، إذا أثبت التحقيق الرسمي أن شركة “أكسل شبرينغر” مذنبة بارتكاب انتهاكات، فستكون الشركة ملزمة بتصحيح هذه الانتهاكات أو مواجهة غرامة تصل إلى 2% من إجمالي إيراداتها السنوية. وفقًا للتقرير السنوي لعام 2022، بلغت إيرادات الشركة حوالي 3.9 مليار يورو، مما يعني أن 2% تعادل 78 مليون يورو.
القرار: خلال شهرين
توظف مجموعة الإعلام الألمانية “أكسل شبرينغر” أكثر من 10,000 موظف، وتنشر صحفًا ومجلات، كما تمتلك منصات تجارية ورقمية. تشمل ممتلكات المجموعة صحفًا مثل دي فيلت، بوليتيكو، بيزنس إنسايدر، وأكبر صحيفة في أوروبا بيلد. تُقسم أنشطتها إلى خمس وحدات رئيسية: الصحف الألمانية، المجلات الألمانية، الصحف والمجلات الدولية، الإعلام الرقمي (بما يشمل الأنشطة الرقمية في ألمانيا وحول العالم، بالإضافة إلى استثمارات في التلفزيون والإذاعة)، ووحدة الأصول والخدمات (التي تشمل مطابع المجموعة).
تمتلك المجموعة عددًا من الشركات التابعة، وشراكات، واتفاقيات ترخيص تُسهّل أنشطتها في عشرات الدول. في مايو 2014، استحوذت على الموقع الإسرائيلي yad2 من شركة “والا” مقابل 806 ملايين شيكل. كما استثمر صندوق استثمارات “أكسل شبرينغر” في عدة شركات ناشئة إسرائيلية، وعرض مرتين شراء منصة “زاب”، في عامي 2014 و2018.
حاليًا، يجب على BAFA في ألمانيا أن يقرر ما إذا كان سيفتح تحقيقًا رسميًا بناءً على تحقيق أولي، حيث يُتوقع أن يستغرق هذا التحقيق الأولي شهرًا إلى شهرين. وفقًا للإجراءات، تتلقى “أكسل شبرينغر” الشكوى من BAFA وتُمنح فرصة للرد قبل اتخاذ القرار بفتح التحقيق. لم تُعلق الشركة على استفسارات صحيفة TheMarker بشأن القضية.
المقال منشور في وصلة بإذن خاص من موقع The Marker
