صادقت الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، يوم 19 ديسمبر 2024، على إنشاء ثالث خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى مصر. يأتي هذا القرار في ظل تصاعد الاعتماد المصري على الغاز الإسرائيلي، حيث ارتفعت الكميات المستوردة إلى 10 مليارات متر مكعب سنوياً، بزيادة كبيرة عن الكميات الأولية التي بدأت عام 2020 عند 2.2 مليار متر مكعب سنوياً.
خلفية المشروع وتكلفته
بدأت إسرائيل في تصدير الغاز إلى مصر منذ يناير 2020، بعد اكتشاف حقلَي تمار وليفياثان في شرق البحر المتوسط. يتم نقل الغاز حاليًا عبر خط أنابيب تحت البحر يربط بين إسرائيل وشبه جزيرة سيناء. في أكتوبر 2024، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن خط الأنابيب الثالث سيعزز القدرة على نقل الغاز من مشروع ليفياثان من 1.2 مليار قدم مكعبة يومياً إلى 1.4 مليار قدم مكعبة يومياً، ما يعزز من مكانة إسرائيل كمصدر رئيسي للطاقة في المنطقة.
تُقدر تكلفة خط الأنابيب الجديد بحوالي 200 مليون دولار، وهو مملوك لشركة التوزيع الوطنية الإسرائيلية “خطوط الغاز الطبيعي الإسرائيلية”. من المتوقع أن يسهم هذا المشروع في زيادة صادرات الغاز الإسرائيلي بمقدار 3-5 مليارات متر مكعب سنوياً، مع بدء التشغيل المتوقع في عام 2025.
تأثير الاعتماد المصري على الغاز الإسرائيلي
يرى خبراء أن هذه التطورات تجعل مصر أكثر اعتمادًا على الغاز الإسرائيلي، ما قد يضعف استقلالها في قطاع الطاقة. فبعدما كانت مصر من كبار مُصدري الغاز في المنطقة، أصبحت الآن تعتمد بشكل رئيسي على الغاز الإسرائيلي لتلبية 18% من احتياجاتها المحلية، وفقاً لتقديرات 2024.
في المقابل، توقفت مصر عن تصدير الغاز الطبيعي المنتج محليًا نتيجة لتراجع إنتاج حقل ظهر، الذي انخفض من 9 مليارات قدم مكعبة يومياً عند اكتشافه في 2015 إلى 2 مليار قدم مكعبة فقط في 2024. هذا التراجع أدى إلى اعتماد متزايد على الغاز الإسرائيلي لتلبية الطلب المحلي، خصوصاً في ظل عدم قدرة الإنتاج المحلي على تغطية استهلاك المصانع ومحطات الكهرباء.
تستورد مصر الغاز الإسرائيلي لإسالته في محطات دمياط وإدكو، بطاقة إجمالية 2.1 مليار قدم مكعبة يومياً، ثم يتمّ تصديره إلى أوروبا. ومع ذلك، مع تصاعد الطلب المحلي في مصر، تم توجيه جزء كبير من الغاز الإسرائيلي إلى السوق المحلي. هذا الاعتماد أثار مخاوف اقتصادية وسياسية، حيث يُنظر إليه على أنه يعرض مصر لضغوط إسرائيلية مستقبلاً.
أبعاد سياسية واقتصادية وأخلاقية
صرح وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين بأن “الطاقة الإسرائيلية قوة سياسية”، مؤكدًا أن الغاز الطبيعي يمثل “رصيدًا استراتيجيًا” يعزز مكانة إسرائيل إقليمياً ودولياً. هذه التصريحات تثير تساؤلات حول أهداف إسرائيل الحقيقية من توسيع صادراتها من الغاز إلى مصر، خاصة مع تزامن ذلك مع تعليق صادرات الغاز من حقل تمار خلال حرب غزة، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في مصر لفترات طويلة.
وفقاً لتقرير نشره موقع “ميز” في يناير 2024، بلغ إنتاج مصر من الغاز أدنى مستوياته منذ عام 2017. حقل ظهر، الذي كان يُعد أحد أكبر الاكتشافات في البحر المتوسط، شهد تراجعًا في إنتاجه بسبب مشاكل فنية، منها تسرب مياه البحر إلى الآبار. تراجع إنتاج الحقل أثر سلباً على صادرات الغاز المصرية، التي انخفضت بنسبة 50% عام 2023 مقارنة بـ2022، وفق بيانات “ستاندرد آند بورز غلوبال”.
في يوليو 2024، أعلنت السفارة الإسرائيلية في القاهرة عن خطط لتوسيع إنتاج حقل ليفياثان ليصل إلى 21 مليار متر مكعب سنوياً بحلول 2025، حيث تسعى إسرائيل إلى تصدير الغاز إلى أوروبا عبر مصر، مستفيدة من محطات الإسالة المصرية.
مقالات ذات صلة: بلبلة بشأن إغلاق حقول الغاز الإسرائيلية ووزارة الطاقة تزيد ضبابية الموقف