منذ تسلّمه وزارة “الأمن القومي” قبل عامين، أصبح إيتمار بن غفير أحد أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في الحكومة الإسرائيلية. مطالباته المالية المستمرة لتوسيع ميزانية وزارته، والتي تُقدَّر بمليارات الشواكل، أثارت نقاشًا حادًا حول مدى فعالية هذه الزيادات في تحسين الأمن القومي ومواجهة الجرائم المتزايدة، خصوصًا في المجتمع العربي.
زيادات ضخمة في الميزانية دون تحقيق النتائج
شهدت وزارة الأمن القومي، تحت قيادة بن غفير، زيادات مالية كبيرة. وفقًا لتقرير موقع “كالكاليست“، ارتفعت ميزانية الوزارة من 19.9 مليار شيكل في عام 2022 إلى 22.2 مليار شيكل في عام 2024. جاءت هذه الزيادات نتيجة مطالب متكررة من بن غفير لدعم الشرطة وتعزيز الأمن. لكن على الرغم من هذه الزيادات، فشلت الوزارة في تحقيق تقدم ملموس على أرض الواقع.
ورغم تخصيص 3,225 وظيفة شرطية جديدة في الميزانية، إلا أنّ الوزارة لم تنجح في مسعاها في زيادة عدد أفراد الشرطة. فعلى الرغم من توظيف 5,800 شرطي جديد، غادر 3,500 شرطي الخدمة، ما أدى إلى زيادة صافية بلغت 2,300 شرطي فقط. وعلى الرغم من التمويل الإضافي، ارتفعت معدلات الجريمة والسرقة، وزادت جرائم القتل داخل المجتمع العربي بشكل لافت، وهو ما يطرح علامات الاستفهام حول مآل هذه المليارات التي تحصل الوزارة عليها.
مطالبات بمزيد من التمويل
في إطار مناقشات ميزانية 2025، طالب بن غفير بمبلغ إضافي قدره 20 مليار شيكل. تضمن هذا الطلب زيادات دائمة وأخرى لمرة واحدة لتغطية احتياجات الشرطة ومصلحة السجون والدفاع المدني. على الرغم من ذلك، وافقت وزارة المالية فقط على زيادة بمقدار 2 مليار شيكل إضافي، بالإضافة إلى مبلغ 1.5 مليار شيكل لمرة واحدة. لكن يبدو أن هذه التنازلات لم تكن كافية لبن غفير، الذي يواصل الضغط من أجل تأمين تمويل إضافي.
في خطوة أثارت انتقادات واسعة، عارض بن غفير ونواب حزبه الزيادة المقترحة في رسوم التأمين الوطني، التي تهدف إلى تعزيز موارد الدولة بمقدار 5 مليارات شيكل. نتيجة لذلك، جمدت وزارة المالية تحويل مبلغ 850 مليون شيكل كان مخصصًا لتجهيزات الشرطة، ما أضاف تعقيدات جديدة إلى الوضع المالي للوزارة.
انتقادات من داخل الحكومة
تحولت مطالب بن غفير المالية وسلوكه السياسي إلى مصدر توتر داخل الائتلاف الحكومي. منذ انضمامه إلى الحكومة، أصبح يُعتبر “الطفل المشاغب” داخل الكنيست، مستغلًا عدد مقاعد حزبه السبعة للضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي اعتمد عليه لضمان استقرار الائتلاف. في العامين الماضيين، طالب بن غفير بتخصيص 9 مليارات شيكل إضافية في موازنة 2024-2023، وحصل بالفعل على زيادة بلغت 1.8 مليار شيكل في الموازنة المعدلة لعام 2023.
لكن الانتقادات لم تأتِ فقط من المعارضة، بل امتدت أيضًا إلى حلفائه داخل الائتلاف. يُشير بعض المسؤولين إلى أن عدم قدرة بن غفير على تحقيق نتائج حقيقية في مواجهة الجريمة المتزايدة يعكس عجزًا إداريًا، ويثير تساؤلات حول استخدام الموارد المالية الضخمة التي تم تخصيصها لوزارته.
منذ انضمام أربعة أعضاء من “اليمين المعتدل” إلى الحكومة، أصبح موقف بن غفير أكثر هشاشة داخل الائتلاف. ورغم أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بات أقل اعتمادًا على دعم بن غفير، إلا أن الأخير ما زال يحتفظ بقدرة على التأثير والضغط. في ظل تعطل ميزانية الدولة بسبب مطالب بن غفير، ورفضه تمرير زيادة رسوم التأمين الوطني، أصبح موقفه موضع انتقاد واسع داخل الكنيست.
مقالات ذات صلة: رغم الاقتطاعات الكبيرة في ميزانية عام 2025… “وزارة بن غفير” ستحصل على 2 مليار شيكل إضافية