شهدت الأعوام الأخيرة تقدماً هائلاً في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة بعد إطلاق برنامج “تشات جي بي تي” من قبل شركة “أوبن إيه آي” (OpenAI) في أواخر عام 2022. خلال هذه الفترة، ظهرت سلسلة من نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي المتقدمة من شركات مثل “أنثروبيك” (Anthropic)، “جوجل” (Google)، و”ميتا” (Meta). ومع ذلك، تواجه هذه الصناعة حالياً عقبات تعرقل تقدمها المتوقع.
بحسب موقع بلومبرغ، تواجه الشركات تحديات في العثور على مصادر جديدة للبيانات التدريبية عالية الجودة، ما يؤثر على تطوير النماذج المتقدمة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تكلفة إنشاء هذه النماذج أصبحت مرتفعة للغاية، حيث تشير التقديرات إلى أن تكلفة تدريب نموذج واحد عالي التطور قد تصل إلى 100 مليون دولار، ومن المتوقع أن تقفز هذه التكلفة إلى 100 مليار دولار خلال السنوات المقبلة.
التحديات والتكلفة العالية
في هذا السياق، أوضح داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة “أنثروبيك”، أن تكلفة تطوير النماذج الجديدة تزداد بشكل كبير، ما يجعل تحقيق التقدم أكثر صعوبة. من جانبها، أكدت سارة فريير، الرئيسة المالية لشركة “أوبن إيه آي”، أن تطوير النموذج المقبل سيكلف مليارات الدولارات. هذا التحدي المالي يجعل من الضروري البحث عن أساليب جديدة لتقليل النفقات وتحقيق كفاءة أعلى.
للتغلب على هذه التحديات، بدأت الشركات بتطوير أساليب تدريب مبتكرة. على سبيل المثال، تركز “أوبن إيه آي” على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على التفكير بأسلوب مشابه للبشر لحل المشكلات المعقدة. في سبتمبر الماضي، كشفت الشركة عن نموذج جديد باسم (o1)، وصفه رئيسها التنفيذي سام ألتمان بأنه “الأذكى في العالم”. هذا النموذج يعتمد على معالجة البيانات بشكل أعمق ويستهلك قوة حوسبة أعلى، مع توفيره للمستخدمين عبر اشتراكات شهرية تبلغ 200 دولار.
الاعتماد على البيانات الاصطناعية
إحدى الطرق الواعدة التي تعتمدها الشركات هي استخدام البيانات الاصطناعية، وهي بيانات يتم إنشاؤها بواسطة برامج خاصة لتشبه البيانات الحقيقية التي ينتجها البشر كبديل للبيانات الحقيقية، وتسهم هذه الطريقة في التغلب على نقص البيانات أو عدم قدرة الشركة على جمعها، لأسباب كالخصوصية.
ومع ذلك، حذر بعض الباحثين من أن استخدام هذه البيانات بشكل عشوائي قد يؤدي إلى تدهور أداء النماذج، وهي ظاهرة تُعرف بـ “انهيار النموذج”، حيث يبدأ برنامج الذكاء الاصطناعي في تقديم نتائج سيئة لأنه تعلم على بيانات غير دقيقة أو غير متوازنة.
رغم هذه التحديات، يبدي قادة الصناعة تفاؤلاً بمستقبل الذكاء الاصطناعي. يرى جوناثان فرانكل، الباحث في شركة “داتابريكس” (Databricks)، أن التطورات الحالية في الذكاء الاصطناعي تشبه إلى حد كبير ما حدث في صناعة أشباه الموصلات سابقاً، حيث قادت الابتكارات التقنية إلى تخطي العقبات واستمرار التقدم.
في نهاية المطاف، يُجمع الخبراء على أن الابتكارات الجديدة في معالجة البيانات والاعتماد المتزايد على البيانات الاصطناعية ستكون أساسية لدفع عجلة التطور في هذا المجال. ومع استمرار التركيز على تحسين أداء النماذج، من المتوقع أن يشهد القطاع قفزات نوعية في السنوات القادمة.
مقالات ذات صلة: لمنع تحويلها إلى شركة هادفة للربح: إيلون ماسك يقود معركة قانونية ضد OpenAI