في حدثين متزامنين لهما تأثير عميق على الاقتصاد الإسرائيلي، قدم رئيس لجنة نيغل، يعقوب نيغل، توصياته النهائية حول ميزانية الدفاع، بينما عرض محافظ بنك إسرائيل، أمير يرون، توجهات السياسة النقدية والتوصيات الاقتصادية للعام المقبل. ورغم أن الظاهر يشير إلى غياب العلاقة بين الحدثين، إلا أن الواقع يكشف عمق الارتباط بينهما.
زيادة هائلة في ميزانية الدفاع ترافقه تحديات خطيرة
أوصت لجنة نيغل بزيادة ميزانية الدفاع بنسبة تزيد عن 42%، ما يرفعها من 68 مليار شيكل إلى حوالي 98 مليار شيكل سنويًا. تأتي هذه الزيادة مع توصيات بإضافة بين 9 إلى 15 مليار شيكل كلّ سنة، رغم أن الزيادات الحالية في ميزانية الجيش تفوق بالفعل كل التوقعات.
ومع ذلك، يثار التساؤل حول جدوى هذه المبالغ الطائلة في ظل الواقع الاقتصادي الصعب، خاصة أن الجيش الإسرائيلي حصل خلال العام الماضي على كل ما طلبه، وهو ما أثار تساؤلات حول الحاجة لمزيد من الزيادات دون دراسة معمقة.
وفقًا لتحليل اقتصادي لموقع كالكاليست، فإن غياب خطوات ملموسة لضبط الميزانية العامة يضع الاقتصاد الإسرائيلي أمام خطر “العقد الضائع”، على غرار ما حدث بعد حرب أكتوبر 1973. في تلك الفترة، أدى الاعتماد الزائد على الإنفاق الدفاعي إلى تقليص النفقات الاجتماعية والاستثمار في الاقتصاد، ما أعاق نمو القطاع الخاص بشكل كبير.
محافظ بنك إسرائيل أكد أن الحفاظ على استقرار الدين العام إلى الناتج المحلي يتطلب سياسات مالية مسؤولة. ورغم أن الحرب قد تبرر مؤقتًا زيادة نسبة الدين إلى الناتج المحلي، فإن عدم اتخاذ خطوات جادة في السنوات المقبلة لتقليل هذا المعدل سيضعف الاقتصاد بشكل دائم. يتوقع أن يصل الدين إلى 70% من الناتج المحلي بحلول 2026، ما يتطلب تخفيضات ضريبية أو تقليصات في النفقات العامة.
التوسع في ميزانية الدفاع سيأتي على حساب الخدمات الاجتماعية، مثل التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، التي تُعد من بين الأقل تمويلاً في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). سيجد المواطنون أنفسهم أمام أعباء اقتصادية إضافية نتيجة لزيادات الضرائب وخفض النفقات العامة. هذا الوضع يُنذر بموجة جديدة من التوترات الاجتماعية التي قد تُضعف الاستقرار السياسي والاقتصادي.
التحسن الجيوسياسي غير مستغل
يشير محافظ بنك إسرائيل إلى أن التحسن الجيوسياسي بعد العمليات الأخيرة ضد “حماس” و”حزب الله”، وتراجع النفوذ الإيراني في المنطقة، يتيح فرصة لإعادة توجيه الموارد نحو تعزيز الاقتصاد المدني بدلاً من زيادة الإنفاق العسكري.
ومع ذلك، يبدو أن الحكومة تتجاهل هذه الفرصة، ما يعكس غياب رؤية استراتيجية شاملة.
يثير محافظ بنك إسرائيل نقطة جوهرية تتعلق بالإعفاء الشامل للطلاب الحريديم من الخدمة العسكرية. يشير إلى أن زيادة نسبة الخدمة العسكرية، إذا ما طبقت بشكل متوازن، قد تُساهم في تعزيز مشاركة الحريديم في سوق العمل، ما يؤدي إلى تقليل الفجوات الاقتصادية وزيادة الإنتاجية.
ورغم ذلك، تتخذ الحكومة الحالية مسارًا معاكسًا تمامًا، ما يزيد من الأعباء الاقتصادية على الفئات العاملة.
مقالات ذات صلة: بنك إسرائيل يبقي سعر الفائدة عند 4.5%، ويتوقع نموًا اقتصاديًا وتراجعًا في التضخم