صدرت مؤسسة “غولدمان ساكس” تقريرًا حديثًا يسلط الضوء على سبعة محاور رئيسية من المتوقع أن تشكل ملامح الاقتصاد العالمي خلال عام 2025. التقرير يقدم تحليلاً شاملاً حول الأداء المتوقع للاقتصادات الكبرى، والتغيرات في السياسات النقدية، والتحديات الجيوسياسية التي قد تؤثر على الاستقرار الاقتصادي العالمي.
النمو الاقتصادي العالمي
من المتوقع أن يشهد الاقتصاد العالمي نموًا مستقرًا بنسبة 2.7% خلال عام 2025، مدفوعًا بتخفيف القيود المالية وزيادة الدخل الحقيقي في العديد من المناطق. إلا أن بعض الاقتصادات ستواجه تحديات هيكلية قد تحد من أدائها. الأسواق المتقدمة ستستفيد من انخفاض معدلات التضخم وعودة الظروف الاقتصادية إلى الاستقرار.
تفوق الاقتصاد الأميركي
وفقًا لتوقعات غولدمان ساكس، ستواصل الولايات المتحدة تفوقها على الاقتصادات المتقدمة الأخرى بفضل تحسين الإنتاجية وتخفيف القيود المالية. يُتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بنسبة 2.4%، وهو أعلى من المتوسط العالمي، مع انخفاض التضخم الأساسي إلى 2.4% واستقرار معدل البطالة عند 4%. هذا الأداء القوي يُبرز مرونة الاقتصاد الأميركي في مواجهة التحديات العالمية.
سياسات الاحتياطي الفيدرالي
سيواصل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي اتباع سياسات نقدية مرنة بهدف دعم الاستقرار المالي. من المتوقع أن يُجري الاحتياطي ثلاث تخفيضات على أسعار الفائدة خلال العام، لتستقر بين 3.5% و3.75%. كما يُتوقع أن تنتهي عمليات تقليص الميزانية العمومية بحلول الربع الثاني من عام 2025.
التحديات في منطقة اليورو
ستعاني منطقة اليورو من ضغوط اقتصادية كبيرة، أبرزها التحديات في قطاع التصنيع وارتفاع أسعار الطاقة. يُتوقع أن ينمو اقتصاد منطقة اليورو بنسبة ضعيفة تبلغ 0.8% فقط، مع استمرار التضخم في التراجع إلى 2% بنهاية العام. هذا الأداء يعكس الصعوبات الهيكلية التي تعاني منها المنطقة، ورغم هذه التحديات، يُتوقع تباطؤ تدريجي في تضخم قطاع الخدمات.
تحركات البنك المركزي الأوروبي
سيتجه البنك المركزي الأوروبي إلى خفض أسعار الفائدة تدريجيًا لتخفيف الضغوط الاقتصادية، ومن المتوقع أن تصل أسعار الفائدة إلى 1.75% بحلول منتصف العام. وإذا استمرت التحديات الاقتصادية، قد يضطر البنك إلى تسريع تخفيض الفائدة بشكل أكبر.
عام صعب للاقتصاد الصيني
ستواجه الصين عامًا مليئًا بالتحديات الاقتصادية في ظل ضعف الاستهلاك المحلي وأزمات قطاع العقارات. يُتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4.5% فقط، وهو معدل أقل مما حققته الصين في السنوات الأخيرة. بالإضافة إلى ذلك، تواجه الصين مشاكل هيكلية مثل الديون المتراكمة وتدهور التركيبة السكانية، ما يضع ضغوطًا إضافية على الأداء الاقتصادي.
تصاعد التوترات الجيوسياسية
سيشهد عام 2025 تصاعدًا في التوترات الجيوسياسية، خصوصًا مع سياسات أميركية متشددة تشمل زيادة التعريفات الجمركية وتعديلات في سياسات الهجرة. من المتوقع أن تفرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية أعلى على الواردات الصينية وصناعات السيارات، مما يزيد من التحديات الاقتصادية بين البلدين. كما أن التوترات في الشرق الأوسط قد تضيف ضغوطًا إضافية على الاقتصاد العالمي.
يشير تقرير “غولدمان ساكس” إلى أن عام 2025 سيكون عامًا حافلاً بالتحولات الاقتصادية الكبرى. بينما تتمتع الولايات المتحدة بتفوق اقتصادي واضح، تواجه الصين وأوروبا تحديات هيكلية وجيوسياسية كبيرة قد تعرقل أداءهما. ويبقى السؤال الأكبر حول قدرة الاقتصادات العالمية على التكيف مع هذه التحولات وتحقيق استقرار اقتصادي مستدام.
مقالات ذات صلة: إحماء للحرب القادمة؟ تراشق العقوبات الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة قبل أيام من عودة ترمب
