حرائق لوس أنجلوس: خسائر تاريخية تعصف رياحها الحارة بقطاع التأمين والاقتصاد الأميركي

أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة

تواجه ولاية كاليفورنيا أزمة غير مسبوقة جراء حرائق الغابات المدمرة التي اجتاحت مناطق واسعة من لوس أنجلوس وضواحيها، متسببة في خسائر اقتصادية ضخمة ودمار هائل للأحياء الراقية مثل “باسيفيك باليسيدز”. وبينما تتصاعد ألسنة اللهب، تظهر تداعيات أوسع نطاقًا تهدد قطاع التأمين والاستقرار الاقتصادي للولاية، بل وللولايات المتحدة بأكملها.

1024px Palisades Fire 54254895365
حرائق كاليفورنيا- المصدر: ويكيميديا

أرقام كارثية وخسائر غير مسبوقة

تُقدّر الأضرار الاقتصادية الأولية التي خلفتها حرائق لوس أنجلوس حتى الآن بأكثر من 57 مليار دولار، وفقًا لتقارير حديثة. ومن المتوقع أن تتحمل شركات التأمين نحو 20 مليار دولار من هذه الخسائر، ما يجعل هذه الكارثة واحدة من أغلى الحرائق في تاريخ الولايات المتحدة. حي “باسيفيك باليسيدز”، الذي يبلغ متوسط أسعار المنازل فيه نحو 4 ملايين دولار، كان الأكثر تضررًا، بينما لا تزال الحرائق الكبرى الأخرى تهدد مناطق إضافية في المدينة.

وأفادت شركة “جي بي مورغان” بأن الخسائر المؤمن عليها قد تصل إلى 20 مليار دولار، بينما أشارت شركة “أكيو ويذر” إلى أن إجمالي الخسائر قد يتراوح بين 135 و150 مليار دولار. هذه الأرقام تضع كاليفورنيا أمام أزمة كبيرة، حيث يعتمد اقتصادها العقاري الذي تبلغ قيمته نحو 10 تريليونات دولار بشكل أساسي على استقرار السوق.

قطاع التأمين في مهب الريح

مع تصاعد حدة وتكرار حرائق الغابات بسبب تغير المناخ، تكافح شركات التأمين لمواكبة التحديات المتزايدة. خلال السنوات الأخيرة، انسحبت سبع من أكبر 12 شركة تأمين من سوق كاليفورنيا، بينما اضطرت شركات أخرى إلى تقليص تغطيتها بشكل كبير.

على سبيل المثال، ألغت شركة “ستيت فارم” آلاف البوليصات التأمينية في المناطق عالية الخطورة مثل “باسيفيك باليسيدز”، ما ترك العديد من السكان بلا خيارات تأمينية كافية.

برنامج “فير”، الذي تديره الدولة كملاذ أخير للتأمين ضد الحرائق، شهد زيادة كبيرة في عدد المطالبات، حيث ارتفع عدد البوليصات السكنية المفعّلة فيه إلى أكثر من 450 ألف بوليصة بحلول سبتمبر 2024. ومع ذلك، فإن البرنامج يعاني من نقص كبير في الموارد، حيث يمتلك احتياطات مالية تبلغ 200 مليون دولار فقط، ما يضعه في مواجهة تحديات تفوق قدراته.

تأثيرات اقتصادية ممتدة

لا تقتصر تداعيات هذه الحرائق على الأضرار المباشرة للممتلكات، بل تشمل أيضًا تأثيرات بعيدة المدى على سوق العقارات والاقتصاد الأميركي. يحذر خبراء من أن المنازل التي لا يمكن تأمينها ستصبح غير قابلة للرهن العقاري، ما يؤدي إلى تراجع قيمتها العقارية ويضعف الطلب عليها. هذا السيناريو يشبه الأزمة المالية لعام 2008، حيث بدأ الانهيار بانخفاض قيم العقارات قبل أن يمتد ليشمل النظام المالي بأكمله.

1024px Palisades Fire 54254705864
حرائق كاليفورنيا- المصدر: ويكيميديا

من ناحية أخرى، تشكل التأثيرات الصحية للدخان الناتج عن الحرائق تحديًا إضافيًا. تشير تقديرات إلى أن تكاليف الرعاية الصحية المرتبطة باستنشاق الدخان وتلوث الهواء تصل إلى مليارات الدولارات سنويًا، مما يزيد من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على السكان.

الرئيس الأميركي جو بايدن أعلن حالة الكارثة الكبرى في كاليفورنيا، مؤكدًا أن هذه الحرائق تعكس حقيقة التغير المناخي وضرورة اتخاذ تدابير عاجلة للتصدي له. في الوقت نفسه، شهدت جهود مكافحة الحرائق تعاونًا دوليًا، حيث أرسلت كندا طائرات خاصة لدعم رجال الإطفاء. هذا التعاون يبرز أهمية الجهود المشتركة لمواجهة التحديات المناخية.

هل تتعلم كاليفورنيا والعالم الدرس؟

مع تزايد الأضرار وتفاقم الأزمات، تبرز الحاجة إلى إصلاحات جذرية في قطاع التأمين وفي السياسات المناخية. الإصلاحات الأخيرة التي أقرتها كاليفورنيا للسماح بتسعير التأمين بناءً على نماذج المخاطر المناخية تأتي كخطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها قد تكون متأخرة للغاية لمعالجة تداعيات الكارثة الحالية.

حرائق لوس أنجلوس لا تمثل مجرد مأساة محلية، بل هي جرس إنذار للعالم بأسره حول التهديدات المتزايدة التي يشكلها تغير المناخ على الاقتصادات والمجتمعات.

مقالات ذات صلة: 57 مليار دولار خسائر الحرائق التي تشهدها ولاية كاليفورنيا

مقالات مختارة