هل يُفكّك “الولد المشاغب” ترمب القارة العجوز؟

مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يلوح في الأفق تهديد جديد للاتحاد الأوروبي، يحث تعهد ترمب بإطلاق حروب تجارية، وفرض رسوم جمركية باهظة على الصادرات الأوروبية، وإملاء اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا قد يحفر تجاعيد جديدة في وجه القارة الأوروربية.
أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة

eu

مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يلوح في الأفق تهديد جديد للاتحاد الأوروبي، حيث تعهد الرئيس الأميركي المنتخب بإعادة إطلاق حروب تجارية، وفرض رسوم جمركية باهظة على الصادرات الأوروبية، وإملاء اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا قد يعيد تشكيل الهيكل الأمني في القارة. وفي ظل الضغوط الاقتصادية الهائلة، هل يمكن أن ينجو الاتحاد الأوروبي من هذه الأزمات المتراكمة؟

أزمات الاقتصاد الأوروبي: جذور قديمة وتحديات حديثة

الأزمة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي ليست وليدة اللحظة، بل تمتد جذورها إلى الأزمة المالية العالمية في 2007-2008، حين أدت الانهيارات المالية الكبرى إلى ركود حاد في القارة. ومع أزمة ديون منطقة اليورو وإفلاس اليونان، تعمّقت الانقسامات داخل الاتحاد، حيث احتاجت بعض الدول إلى تدخل صندوق النقد الدولي لإنقاذ اقتصاداتها.

اليوم، يتفاقم الوضع مع تراكم الديون السيادية وضعف اليورو وتراجع الصادرات. ووفقاً للبيانات الأوروبية، بلغ الدين العام للاتحاد الأوروبي حوالي 15 تريليون دولار في نهاية عام 2023، وهو ما يمثل نحو 82% من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد. في الوقت نفسه، تشير تقديرات إلى أن أوروبا بحاجة إلى استثمارات إضافية بقيمة 800 مليار يورو سنوياً لتعزيز تنافسيتها الاقتصادية وتقوية جيوشها.

تهديدات ترامب وتصاعد الديون

تزامناً مع تراكم الديون، يهدد ترامب بفرض رسوم جمركية باهظة على السلع الأوروبية، ما يزيد الضغوط على الاقتصادات المتعثرة في القارة. وتواجه منطقة اليورو المؤلفة من 20 عضواً تحديات نمو كبيرة منذ انتهاء التحفيزات الحكومية التي رافقت أزمة كورونا. وحذّر رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق، ماريو دراغي، من أن أوروبا قد تواجه “معاناة بطيئة” إذا لم تعزز استثماراتها وقدرتها التنافسية.

تعاني أوروبا من فراغ قيادي واضح في ظل الأزمات المتلاحقة. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يواجه تحديات داخلية ضخمة مع تصاعد نفوذ مارين لوبان، خصمته السياسية. وفي ألمانيا، المستشار أولاف شولتز يواجه احتمال الإطاحة به في الانتخابات المبكرة المزمع إجراؤها في فبراير المقبل، خصوصًا مع تصاعد شعبية حزب البيدل اليميني.

1024px Donald Trump 30020836983
دونالد ترمب- المصدر: ويكيميديا

في هذا السياق، حاولت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون ديرلاين، ملء هذا الفراغ. ورغم نجاحها في إنهاء مفاوضات استغرقت 25 عاماً لإبرام صفقة تجارية مع دول أميركا الجنوبية، فإنها تواجه صعوبات في تحقيق توافق بين الدول الأعضاء، خصوصاً مع المعارضة القوية داخل فرنسا.

الدفاع الأوروبي واستقلالية القرار

مع احتمال تقليص الولايات المتحدة لدورها في حلف شمال الأطلسي تحت قيادة ترمب، يناقش الاتحاد الأوروبي إصلاحاً كبيراً لسياساته الدفاعية. وتشمل هذه النقاشات تمويلاً مشتركاً للاستثمارات العسكرية قد يصل إلى 500 مليار يورو على مدى العقد المقبل. ويحتل تعزيز الدفاع الأوروبي المستقل أولوية قصوى، في ظل مخاوف من تخفيض الدعم الأميركي لأوكرانيا.

الأزمات الاقتصادية والضغوط السياسية تهدد بتقويض استقرار الاتحاد الأوروبي، خاصة إذا ما ترافق ذلك مع انسحاب أميركي جزئي من الساحة الأوروبية. وفي ظل عجز الدول الكبرى، مثل فرنسا وألمانيا، عن اتخاذ خطوات حاسمة، يبقى مصير الاتحاد الأوروبي معلقاً أمام تحديات داخلية وخارجية تهدد وحدته واستمراريته.

مقالات ذات صلة: وُصِفَت بـ”صفقة القرن”: كم ستبلغ قيمة بيع جزيرة غرينلاند لترمب؟ وكم مليون سيربح كل مواطن؟

مقالات مختارة