أعلن اتحاد بلديات قطاع غزة أمس الأربعاء عن إطلاق خطة طموحة لإعادة إعمار القطاع بعد أكثر من خمسة عشر شهرًا من العدوان الإسرائيلي الذي خلف دمارًا واسعًا في شتى مناحي الحياة. وحملت الخطة عنوان “فينيق غزة” أو عنقاء غزة، في إشارة رمزية إلى الطائر الأسطوري الذي يُبعَثُ من تحت الرماد، حيث تعتمد الخطة على رؤية استراتيجية تجمع بين الاستجابة الإنسانية العاجلة وبناء أسس مستقبل مستدام، وتحاول تفادي الإملاءات الخارجية المصاحبة عادة لعميات الإعمار والتمويل.
إعادة إعمار تجمع بين الإنسانية والاستدامة
صرّح يحيى السراج، رئيس بلدية غزة ورئيس اتحاد بلديات القطاع، في مؤتمر صحافي أن خطة “فينيق غزة” تمثل إطارًا عمليًا وشاملًا لإعادة الإعمار، وقد أعدها خبراء فلسطينيون من غزة والضفة الغربية بالتعاون مع مختصين من خارج فلسطين. وأوضح السراج أن الخطة تهدف إلى تحقيق التوازن بين التدخلات الطارئة والبناء المستدام، مع التركيز على الحفاظ على الهوية الثقافية والتراثية للقطاع.
وأكد السراج أن الخطة تعتمد على الشراكة المجتمعية كعنصر أساسي لضمان مشاركة سكان القطاع في إعادة الإعمار والتخطيط، مع رفض أي تدخلات خارجية تهدف إلى تغيير السياق المحلي أو تشويه التراث الغزي. ودعا السراج كافة الأطراف المحلية والدولية إلى دعم الخطة والعمل على تحويل الكارثة إلى فرصة لبناء مستقبل يعتمد على الحرية والاستدامة والكرامة.
مراحل التنفيذ وتوصيات البنك الدولي
من جانبه، كشف المهندس ماهر سالم، مدير وحدة التخطيط والاستثمار ببلدية غزة، أن خطة “فينيق غزة” تمتد على فترة تتراوح بين خمس إلى عشر سنوات، وتتألف من عدة مراحل تهدف إلى إعادة الإعمار بشكل متكامل ومستدام. وأوضح سالم أن الخطة تأخذ بعين الاعتبار توصيات البنك الدولي لتحسين معايير البناء وإعادة تأهيل المباني التي تعرضت للدمار.
وأضاف سالم أن الخطة تشمل تفاصيل فنية وهندسية دقيقة لضمان جودة العمل وإمكانية تطوير الاقتصاد المحلي بالتوازي مع عملية إعادة الإعمار. وأشار إلى أن هناك ضرورة لتحديث الخطة بشكل مستمر بما يتناسب مع متطلبات التنفيذ والظروف الميدانية.
خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، تعرضت البنية التحتية في غزة لأضرار جسيمة، حيث استهدفت آلة الحرب الإسرائيلية الأسواق القديمة والمعالم التراثية، بما في ذلك سوق الزاوية والمسجد العمري الكبير. وأظهرت صور الأقمار الصناعية أن حوالي 70% من المباني السكنية في غزة قد دُمّرت، أي أكثر من 170 ألف مبنى. وتُقدر الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية بنحو 20 مليار دولار، بما في ذلك تدمير 68% من شبكة الطرق، وتراجع إمدادات المياه إلى ربع ما كانت عليه قبل الحرب، إضافة إلى تعرض مئات المرافق العامة كالمدارس والمستشفيات لأضرار جسيمة.
وتهدف خطة “فينيق غزة” إلى تحويل القطاع إلى نموذج للبناء والصمود، مع التركيز على تمكين المجتمع المحلي ليكون لاعبًا رئيسيًا في عملية إعادة الإعمار. وتشكل بارقة أمل للقطاع المحاصر، حيث تسعى إلى تجاوز آثار العدوان الإسرائيلي وتحقيق نهضة شاملة تعيد الحياة إلى القطاع وتضمن كرامة سكانه، حتّى يتمكن الطائر الجريح من تضميد جروخه والطيران نحو المستقبل.
مقالات ذات صلة: من سيموّل تكلفة إعمار غزة المقدّرة بـ80 مليار دولار؟