أخبار كاذبة في كلّ مكان… فكيف نواجهها “عَالمضمون”؟

أيقون موقع وصلة Wasla
اعداد: طاقم وصلة Brands بالتعاون مع مبادرة "ع المضمون"
في آخر جولات المعركة الكبرى بين العملاقين إيلون ماسك ومارك زوكربيرغ، تحوّلت الحقيقة إلى ضحيّة، وتحديدًا بعد أن أعلن مؤسّس شركة “ميتا”، زوكربيرغ، عن إلغاء خدمة تقصّي الحقائق (Fact Checking)، متبنّيًا نهج ماسك في عدم تحديد أيّ ضوابط لنشر المضامين والمعلومات على منصّات التواصل الاجتماعيّ. تأتي في هذا السياق مبادرة “عَالمضمون”، مشروع لمكافحة مخاطر الأخبار والمعلومات الكاذبة على الشبكة.

 

"ع المضمون" - مبادرة لمكافحة الأخبار الكاذبة
“ع المضمون” – مبادرة لمكافحة الأخبار الكاذبة

 

 

إنّ إلغاء خدمة تقصّي الحقائق في منصّات التواصل الاجتماعيّ الكبرى يعكس تحوّلًا في إستراتيجيّة إدارة المحتوى في الإنترنت، وقد أثار ذلك جدلاً واسعًا حول سؤال الحقيقة في الحيّز الرقمي، وخاصّة مع كمّ الأخبار الكاذبة والمضللّة الّتي تنهال علينا من كلّ حدب وصوب وتنتشر بسرعة البرق.

في هذا السياق، وبينما يواصل العملاقان ماسك وزوكربيرغ تسيير دفّة منصّاتهما بعيدًا عن الرقابة والتدقيق، تأتي مبادرة “عَالمضمون”، وهي مبادرة جديدة جمهورها المجتمع العربيّ في البلاد بالأساس، كما تُعنى برفع الوعي وتنمية المعرفة الإعلاميّة في ما يتعلّق بمسألة الأخبار الكاذبة والمعلومات المضلّلة في منصّات التواصل الاجتماعيّ. مؤسّسو المبادرة السيّد سعيد ذيابات، والسيّد محمّد عرار، والمؤثّرة سبيل خطار.

يقول سعيد ذيابات عن دوافع تأسيس المبادرة: “جاءت فكرة ’عَالمضمون‘ استجابةً لحاجة ملحّة في المجتمع العربيّ، من أجل التعامل مع تحدّيات الأخبار والمعلومات المغلوطة الّتي تنتشر بسرعة في منصّات التواصل الاجتماعيّ. خلال عملي الميدانيّ ومشاركتي في برامج دوليّة، وكذلك خلال دراستي في السنوات الأخيرة، لاحظت التأثير السلبيّ للمعلومات المضلّلة وسوء استعمال شبكات التواصل الاجتماعيّ في مجتمعاتنا، خاصّة بين الأطفال والشباب. هذه التأثيرات قد تتفاقم في ظلّ التحدّيات الاجتماعيّة والاقتصاديّة الّتي يواجهها مجتمعنا. هذه الأسباب دفعتني إلى التفكير في إنشاء مبادرة ’عَالـمضمون‘ من أجل تعزيز الوعي الإعلاميّ ومهارات التفكير النقديّ، وتمكين الأفراد من التحقّق من المعلومات والتصدّي للتضليل الإعلاميّ؛ فأنا أؤمن بأنّه طوفان الأخبار الكاذبة الّذي يحيط بنا تكون المعرفة سلاحنا، وكذلك وعي الحقيقة. ضمن برنامج دعم خرّيجي برامج القيادة التابع للسفارة الأمريكيّة، حصلنا وشركائي محمّد عرار وسبيل خطّار على منحة من أجل العمل في هذا المجال، وتأسيس مبادرتنا نحو الحدّ من ظاهرة الوقوع في فخّ المعلومات المضلّلة.

حدّثنا عن نفسك

أنا سعيد ذيابات، ناشط اجتماعيّ ومدير برامج مجتمعيّة عديدة، شاركت قبل سنوات في برنامج “الحلول المجتمعيّة” (Community Solutions Program) الّذي أُقيم في الولايات المتّحدة على مدار أربعة أشهر، حيث عملت مع منظّمات وبرامج اجتماعيّة في ولايات مختلفة. أركّز في عملي، خلال السنوات الأخيرة، على تطوير مشاريع تعزّز الحراك الاجتماعيّ الاقتصاديّ ومهنيّة الطواقم في السلطات المحليّة العربيّة، بهدف تمكين مجتمعنا والطواقم المهنيّة الفاعلة، وتحسين جودة الخدمات المقدّمة للمواطن، وإتاحة الفرص والإمكانيّات نحو التطوير الاجتماعيّ والاقتصاديّ.

سعيد ذيابات
سعيد ذيابات
كيف ترى قرار مؤسّس “ميتا”، مارك زوكربيرج، الأخير، بوقف خدمة تقصّي الحقائق؟

يثير القرار القلق، خاصّة في ظلّ انتشار المعلومات المضلّلة وتأثيرها السلبيّ في المجتمعات. إيقاف خدمة تقصّي الحقائق قد يزيد من صعوبة التمييز بين المعلومات الصحيحة والمضلّلة؛ لذا، من المهمّ تعزيز المبادرات المحلّيّة مثل “عَالـمضمون” من أجل معالجة هذا التحدّي وتوفير الأدوات اللازمة لأبناء وبنات مجتمعنا من أجل التحقّق من صِدْق المعلومات.

 هناك مَنْ يرى أنّ أيّ رقابة تُفْرَض على المضامين تعني تقييد حرّيّة الرأي. ما رأيك؟

حرّيّة التعبير حقّ أساسيّ، وهي شرط جوهريّ في أيّ مجتمع ديمقراطيّ، لكن علينا التمييز بين الرقابة وتوفير الأدوات الّتي تمكّن الأفراد من التحقّق من صحّة المعلومات. المسألة ليست تقييدًا للحقّ في التعبير في رأيي، بل تعزيز للوعي والمسؤوليّة الفرديّة والجماعيّة. بدلًا من فرض رقابة مباشرة على المحتوى، فإنّ الحلّ يكمن في التعليم والتثقيف، خاصّة عند العمل مع الأطفال والشباب. هذه الفئة هي الأكثر تأثّرًا بالمعلومات الرقميّة كونها تتعرّض بكثافة لمحتوى منصّات التواصل الاجتماعيّ؛ ولذلك فإنّ تطوير مهارات بنات وأبناء هذه الفئة في التفكير النقديّ يُعَدّ استثمارًا في مستقبل أكثر وعيًا ومسؤوليّة.

عندما نعمل مع هذه بنات وأبناء هذه الفئة العمريّة، نحن لا نحاول تقييد حرّيّتهم، بل نساعدهم على أن يصبحوا صنّاع محتوًى ومستهلكين أكثر وعيًا. إنّ تعليمهم كيفيّة التمييز بين الحقيقة والتضليل أمر يعزّز من قدرتهم على التعبير عن آرائهم بطريقة مبنيّة على الحقائق والمسؤوليّة.

الرقابة قد تكون قيدًا، إلّا أنّ التعليم والتثقيف يحرّران. تمكين الأطفال والشباب من فهم العالم الرقميّ يجعلهم قادرين على حماية أنفسهم من الأخبار الكاذبة، مع الحفاظ على حقّهم في التعبير عن آرائهم بحرّيّة. في النهاية، الهدف خلق توازن بين حرّيّة التعبير والمسؤوليّة الاجتماعيّة، لضمان أن تكون الأصوات الّتي تُسْمَع مبنيّة على معلومات صحيحة تخدم الحوار البنّاء.

 كيف ستعملون في “عَالمضمون” على تعزيز وعي المجتمع العربيّ حول المعلومات الكاذبة والمضلّلة؟

مبادرة “عَالـمضمون” تهدف إلى معالجة قضيّة المعلومات الكاذبة بطريقة شاملة ومبتكرة، من خلال التركيز على التعليم، والتمكين المجتمعيّ، والشراكات الإستراتيجيّة. لتحقيق هذا الهدف، ستعتمد المبادرة على إستراتيجيّات عديدة، مثل: ورش العمل التفاعليّة لمختلف الشرائح والفئات العمريّة؛ تطوير موارد تعليميّة؛ نشر حملات توعويّة عبر الحيّز الرقميّ؛ التعاون وبناء شراكات مع مؤسّسات محلّيّة، وغير ذلك. لن تكتفي المبادرة بتعزيز الوعي فقط، بل ستركّز على تمكين الأفراد ليصبحوا هم أنفسهم صنّاع للإعلام المسؤول في مجتمعاتهم. ستُدَرَّب مجموعات من الناشطين لتولّي دور التوعية في مناطقهم المختلفة.

 صورة توضيحية صورة توضيحية

شيء أخير ترغب في قوله

إنّنا نعيش في عصر تنهال فيه المعلومات علينا من كلّ حدب وصوب، ما يجعل تعاملنا بحرص مع ما نقرؤه ونشاركه أمرًا ضروريًّا. دعوتنا ليست فقط إلى تجنّب الوقوع في فخّ الأخبار الكاذبة، بل أيضًا إلى تحمّل مسؤوليّة مجتمعيّة في نشر الحقائق والمساهمة في تشكيل وعي جماعيّ مستنير.

رسالتي إلى كلّ فرد من مجتمعنا، أنّه إذا شعرت بالتردّد أو شككت في صحّة أيّ معلومة، لا تتردّد في التوجّه للاستشارة أو استخدام الأدوات الموثوقة من أجل التحقّق منها. الوعي الإعلاميّ ليس مجرّد مهارة، بل جزء أساسيّ من الحفاظ على سلامة الناس وتعزيز الثقة ما بينهم. الحقيقة أساس الحوار المجتمعيّ البنّاء، وإنّ مسؤوليّة نشرها تبدأ من كلّ واحد منّا، فلا حرّيّة من دون مسؤوليّة.

إنّنا في مبادرة “عَالمضمون” نرى أهمّيّة في بناء مجتمع واعٍ وقادر على مواجهة التحدّيات الإعلاميّة، وندعو كلّ مَنْ يهمّه الأمر إلى أن يتابعنا ويدعمنا ويكون شريكًا لنا لنكون جزءًا من التغيير الإيجابيّ.

 

 

*مادة تسويقية | إعداد: طاقم وصلة Brands بالتعاون مع مؤسسي مبادرة “ع المضمون”

مقالات مختارة

Skip to content