أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب فتح ملف الرسوم الجمركية في أولى أيام ولايته الثانية، مستهدفًا دولًا وتكتلات اقتصادية رئيسية مثل كندا والمكسيك والصين والاتحاد الأوروبي. قرارات ترمب وتصريحاته أشعلت مخاوف الأسواق العالمية من اضطرابات في سلاسل الإمدادات، ما يهدد بارتفاع الأسعار وزيادة الضغوط التضخمية.
الرسوم المقترحة وتأثيرها المحتمل
أعلن ترمب عزمه فرض رسوم جمركية تصل إلى 25% على السلع القادمة من كندا والمكسيك بحلول الأول من فبراير، بينما لوّح بفرض تعريفة بنسبة 10% على المنتجات الصينية، متذرعًا بمخاوف تتعلق بالمخدرات والتجارة غير العادلة. ووفقًا لما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، يعتقد ترمب أن هذه الرسوم قد تولد إيرادات تصل إلى تريليون دولار، وهو رقم مثير للجدل بين الخبراء الاقتصاديين.
الرسوم المفروضة قد تضر بالاقتصاد الأميركي قبل غيره. الصين، التي تعد واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، ردت بقوة على تصريحات ترمب، حيث أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ أن “الحرب التجارية لا رابح فيها“. وأضافت أن الصين ستتخذ كل الإجراءات الضرورية لحماية مصالحها الوطنية.
كندا والمكسيك في مواجهة العاصفة
تعتبر كندا والمكسيك من أكبر شركاء الولايات المتحدة التجاريين، حيث تصدّر المكسيك وكندا نحو 80% من صادراتهما إلى السوق الأميركية. تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية جديدة على منتجاتهما أثار ردود فعل غاضبة من المسؤولين في كلا البلدين.
رئيس الوزراء الكندي المنتهية ولايته جاستن ترودو عبّر عن ثقته في قدرة كندا على تجنب هذه الرسوم، مشيرًا إلى قوة كندا كمنتج رئيسي للطاقة والمعادن الحيوية التي تحتاجها الولايات المتحدة. من جانبه، هدد رئيس وزراء أونتاريو دوج فورد بأن حربًا تجارية مع الولايات المتحدة “باتت حتمية”، مؤكدًا أن كندا ستستخدم كل الوسائل المتاحة للدفاع عن اقتصادها.
أما المكسيك، فقد بدأت تبحث في سيناريوهات الانتقام المحتمل، بما في ذلك فرض ضرائب على الصادرات الزراعية أو الصناعية إلى الولايات المتحدة. لكن القلق الأكبر يكمن في التأثير على قطاع التصنيع، خصوصًا صناعة السيارات التي تعتمد بشكل كبير على التكامل بين الدول الثلاث.
اضطرابات في الأسواق وسلاسل الإمدادات
تسببت تهديدات ترمب في حالة من الارتباك في الأسواق العالمية. انخفضت الأسهم الصينية يوم الأربعاء بعد تصريحات ترمب، فيما شهدت الأسهم الآسيوية ارتفاعًا طفيفًا في اليوم السابق نتيجة الآمال في أن يتراجع ترمب عن تهديداته.
تحويل مسارات الإمدادات بسبب الرسوم الجمركية المقترحة سيزيد من التكاليف التشغيلية للشركات العالمية. بعض شركات السيارات الكبرى بدأت بالفعل في البحث عن بدائل لتجنب “تفجير سلسلة توريد السيارات في أميركا الشمالية”، وفقًا لأحد المسؤولين التنفيذيين في القطاع.
مستقبل غامض لاتفاقيات التجارة
تشير التقارير إلى أن ترمب يعتزم الضغط لإعادة التفاوض على اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA) قبل الموعد المقرر لمراجعتها في عام 2026. هذه الاتفاقية، التي صيغت خلال ولايته الأولى، كانت بديلاً عن اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (NAFTA).
لكن المحللين يحذرون من أن فتح الاتفاقية مرة أخرى قد يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار التجاري. وقال مسؤولون كنديون إنهم يدرسون فرض رسوم جمركية انتقامية على منتجات أميركية تصل قيمتها إلى 150 مليار دولار، تشمل مشروبات بوربون كنتاكي وعصير البرتقال.
إذا نفّذ ترمب تهديداته، فإن ذلك قد يؤدي إلى تضخم عالمي واضطراب في الأسواق المالية. كما أن الدول المتضررة قد تبحث عن أسواق بديلة للتجارة، ما يعيد تشكيل خريطة العلاقات الاقتصادية العالمية.
التوترات التجارية قد تؤثر أيضًا على جهود الدول في خفض انبعاثات الكربون وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، إذ إن صناعة السيارات والطاقة هما من أكثر القطاعات تأثرًا بهذه القرارات.
مقالات ذات صلة: محمد بن سلمان يؤكد استثمار مئات المليارات في الولايات المتحدة