“ثورة جديدة”: كيف أصبح نموذج ذكاء اصطناعي من شركة صينية مغمورة حديث العالم؟

أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة

ai china

في خطوة وصفها الخبراء بأنها “اختراق مذهل”، أطلقت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة “ديبسيك” (DeepSeek) نموذجها الجديد المسمى 1R، الذي أثار جدلاً واسعًا في وادي السيليكون، وأعاد النظر في الافتراضات السائدة حول تكلفة تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي. النموذج، الذي تم تطويره بميزانية محدودة، لفت الأنظار بقدرته على تحقيق نتائج استثنائية دون الحاجة إلى بنية تحتية مكلفة أو قوة حوسبة هائلة.

نجح نموذج 1R في إثبات أن تطوير الذكاء الاصطناعي لا يتطلب استثمارات ضخمة كما كان يُعتقد سابقًا. وفقًا لتقارير الشركة، تم تصميم هذا النموذج باستخدام تقنيات مفتوحة المصدر، وهو قادر على التعلم وتحسين أدائه تلقائيًا دون إشراف بشري مكثف. ما يميزه أنه يعتمد على شرائح حوسبة أقل تعقيدًا مقارنة بالمستخدم عادة في شركات مثل OpenAI أو Meta.

وقال مارك أندريسين، المستثمر البارز في وادي السيليكون، إن هذا النموذج يعد أحد “الإنجازات الأكثر إثارة للإعجاب”، مضيفًا أنه يغير قواعد اللعبة لصناعة الذكاء الاصطناعي. النموذج، الذي تصدر قوائم التنزيل في متجر آبل للتطبيقات، أظهر أن الصين قادرة على أن تكون منافسًا قويًا في هذا المجال، رغم الهيمنة الأميركية.

أطلق نموذج 1R موجة من التغييرات في الأسواق، حيث انخفضت أسهم الشركات المزودة لسلاسل إمداد الذكاء الاصطناعي بسبب مخاوف من تقليل الحاجة إلى استثمارات هائلة في البنية التحتية. على سبيل المثال، سجلت شركة Advantest Corp اليابانية، المزودة لشركة Nvidia، انخفاضًا بأكثر من 8% في تداولات سوق طوكيو. وأوضح خبراء أن هذا النموذج يعيد التفكير في جدوى الاستثمارات الضخمة التي كانت تعتبر ضرورية لتطوير الذكاء الاصطناعي.

لم يقتصر تأثير ديبسيك على الجوانب الاقتصادية فقط، بل أثار تساؤلات حول استمرارية التفوق الأميركي في هذا المجال. على الرغم من القيود التي فرضتها الحكومة الأميركية على تصدير الشرائح المتقدمة إلى الصين، تمكنت ديبسيك من تطوير نموذجها باستخدام تقنيات يسهل الوصول إليها، وهو ما يؤكّد بأن التفوق الأميركي في مجال الذكاء الاصطناعي ليس مضمونًا، وأن المنافسة العالمية تتزايد بسرعة.

مؤسس ورئيس الشركة ليانغ وونفانغ، الذي كان يُنظر إليه سابقًا كصاحب رؤية غير تقليدية، قاد هذه الثورة من خلال استثماراته الشخصية. بدأ ليانغ في شراء الآلاف من الشرائح الحوسبية لشركة Nvidia في عام 2021، وهي خطوة اعتبرها البعض غير منطقية في البداية. ومع ذلك، أظهرت رؤيته نجاحًا كبيرًا، حيث باتت ديبسيك اليوم واحدة من أكثر الشركات ابتكارًا في مجال الذكاء الاصطناعي.

رغم أن ديبسيك لا تزال في مراحلها الأولى، فإن نجاح نموذجها الجديد قد يفتح الباب أمام شركات أخرى لاعتماد تقنيات أقل تكلفة وأكثر كفاءة، مقدمةً نموذجًا جديدًا للشركات الناشئة حول كيفية تحقيق النجاح باستخدام موارد محدودة.

مع دخول ديبسيك إلى الساحة العالمية، يبدو أن عصرًا جديدًا من الابتكار التكنولوجي يلوح في الأفق، حيث لن تكون الهيمنة مقصورة على الشركات الكبرى، بل يمكن للشركات الناشئة أن تلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي.

مقالات ذات صلة: مشروع ستارغيت… 500 مليار دولار لدعم الذكاء الاصطناعي

مقالات مختارة