أنهى الاقتصاد الأمريكي عام 2024 محققًا نموًا اقتصاديًا بلغ 2.3% في الربع الأخير من العام، وهو أقل من التوقعات التي كانت تشير إلى نمو قدره 2.5%. جاء هذا النمو بعد ارتفاع بنسبة 3.1% في الربع الثالث، ما يعكس تراجعًا في وتيرة النمو مقارنة بالفترة السابقة. وعلى الرغم من هذا التباطؤ، فإن الاقتصاد الأمريكي تمكن من تجاوز العديد من التحديات، بما في ذلك التضخم المرتفع وارتفاع تكاليف الاقتراض، مما يدل على قوة الاقتصاد الأمريكي.
الإنفاق الاستهلاكي يبقى المحرك الرئيسي للنمو
سجل الإنفاق الاستهلاكي، الذي يمثل حوالي 70% من النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة، نموًا قويًا بنسبة 4.2% في الربع الرابع من 2024. ويعتبر الإنفاق الاستهلاكي محركًا رئيسيًا للاقتصاد الأمريكي، وهو ما يفسر جزئيًا استمرار النمو الاقتصادي رغم التضخم المستمر.
ورغم الأسعار المرتفعة، لم يتراجع إقبال المستهلكين على الإنفاق، مما يعكس مرونة في الطلب على السلع والخدمات. في المقابل، كانت التجارة الدولية عبئًا على النمو، حيث أدت زيادة الواردات إلى تقليص الحسابات المتعلقة بالناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.8%.
التحديات المستمرة في الاستثمار المحلي
على الرغم من قوة الإنفاق الاستهلاكي، تراجعت الاستثمارات المحلية في القطاع الخاص بنسبة 5.6%، ما يشير إلى بعض المخاوف بين الشركات والمستثمرين بشأن التوقعات الاقتصادية المستقبلية.
يأتي هذا التراجع في وقت يعاني فيه الاقتصاد من تحديات عدة، منها الخوف من زيادة التضخم نتيجة السياسات التجارية في ظل الإدارة الأمريكية القادمة، بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي قد يفرض مزيدًا من الرسوم الجمركية.
أرقام نمو الاقتصاد لعام 2024
بالنظر إلى عام 2024 ككل، سجل الاقتصاد الأمريكي نموًا بنسبة 2.8%، وهو أقل من النمو الذي تحقق في 2023 والذي بلغ 2.9%. على الرغم من تراجع النمو بشكل طفيف، إلا أن هذه الأرقام تعتبر قوية مقارنة بالتوقعات التي كانت تشير إلى تباطؤ أكبر، ويعكس ذلك قوة الاقتصاد الأمريكي الذي ظل مرنًا في مواجهة العديد من الضغوط العالمية والمحلية.
السياسات النقدية والبنك الفيدرالي
فيما يتعلق بالسياسات النقدية، ترك البنك الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة دون تغيير بعد سلسلة من التخفيضات التي تمت في وقت سابق من العام. رئيس البنك الفيدرالي، جيروم باول، أشار، رغم الضغوط التي مارسها ترمب عليه لخفض الفائدة، إلى أن السياسة النقدية ستظل حذرة، حيث أن البنك ينتظر المزيد من التقدم في مواجهة التضخم قبل اتخاذ أي إجراءات إضافية. وهو ما يعكس حالة من الترقب قبل اتخاذ قرارات مستقبلية قد تؤثر في مسار الاقتصاد الأمريكي.
نظرة مستقبلية: النمو المتوقع في 2025
وفقًا لتوقعات صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يحقق الاقتصاد الأمريكي نموًا بنسبة 2.7% في 2025، وهو تحسن طفيف مقارنة بالتوقعات السابقة. وتستند هذه التوقعات إلى استمرار الإنفاق الاستهلاكي القوي، ونمو الاستثمارات، وقوة سوق العمل، بالإضافة إلى السياسات النقدية المرنة التي يتبعها البنك الفيدرالي.
بالتالي، على الرغم من بعض التحديات التي واجهها الاقتصاد الأمريكي في الربع الأخير من 2024، فإن الاقتصاد الأمريكي يظهر قدرة على النمو والاستمرار في مواجهة الصعوبات، مع وجود عوامل تدعم التوقعات الإيجابية في العام المقبل.
مقالات ذات صلة: كيف يمكن لإدارة ترمب تحقيق هدف النمو؟
