
فيل رايلي شخصية مميزة. هو مواطن أمريكي في الستينات من عمره، وشارك سابقًا في عمليات خاصة لوكالة المخابرات المركزية (CIA). يمكن العثور على مقابلات له على الإنترنت يتحدث فيها عن تجاربه في القفز المظلي الحر، وسباقات الترياثلون التي شارك فيها في أفريقيا، وكذلك مغامراته في بغداد وأفغانستان.
قاد رايلي فريقًا كان أول قوة وصلت إلى أفغانستان بعد نحو أسبوعين من الهجوم على برجي التجارة العالميين في نيويورك في 11 سبتمبر 2001. العملية التي شارك فيها هناك أُطلق عليها اسم “عملية كاسر الفك” (Jawbreaker)، وهو يروي كيف وجد نفسه يحلق فوق جبال أفغانستان في مروحية روسية قديمة وصفها بـ”الطائر الصدئ”، حاملًا حقائب تحتوي على ثلاثة ملايين دولار نقدًا، بينما كان مقاتلو طالبان يلوحون له تحية، ظنًا منهم – خطأً – أنه واحد منهم.
كما كُشف في تقرير لـ”واشنطن بوست”، رايلي هو أحد رجال الأعمال الذين يقفون وراء الشركة الأمريكية Safe Reach Solutions أو اختصارًا SRS، التي تعمل مع الشركة الأمريكية UG Solutions في الإشراف على تفتيش الفلسطينيين العابرين عبر محور نتساريم. وبالنسبة لإسرائيل، فإن هذه الشركات مسؤولة عن منع نقل الأسلحة الثقيلة من جنوب القطاع إلى شماله، إلى جانب شركة مصرية أخرى تعمل في المجال نفسه.

رايلي قد يكون مثالًا لفئةٍ من الأمريكيين الذين سيكسبون رزقهم في الفترة المقبلة من وقف إطلاق النار بعد الحرب. وذلك بافتراض أن إسرائيل ستطالب بأن تُشرف على نزع السلاح في قطاع غزة، وأن حماس لن توافق على وجود الجيش الإسرائيلي لهذا الغرض، لذلك سيزداد عدد الشركات والمنظمات التي ستتولى هذه المهمة بسرعة.
مواقع الإنترنت الخاصة بالشركتين الأمريكيتين اللتين بدأتا مؤخرًا في تحقيق أرباح من وقف إطلاق النار في غزة لا تقدم معلومات تُذكر عنهما، ومن الصعب معرفة من يقف وراءهما. ومع ذلك، تكشف وثائق تسجيل شركة SRS، التي نشرها الصحفي الأمريكي المستقل جاك بولسون، أن عنوانها المسجل في ولاية وايومنغ، وأنها مرتبطة بمكتب إدارة استثمارات خاص (Family Office) يُدعى Two Ocean Trust.

دخول شركات أمريكية خاصة للعمل في المناطق التي احتلتها إسرائيل يُعد حدثًا نادرًا في تاريخ الدولة. تستخدم الولايات المتحدة شركات مثل هذه، التي تعتمد على خريجي الأجهزة الأمنية الأمريكية، في العديد من أنحاء العالم. فقد قدمت هذه الشركات حتى الآن خدمات للجيش الأمريكي في مجالات الأمن، البنية التحتية، واللوجستيات في أماكن مثل أفغانستان، العراق، والعديد من الدول الأفريقية. لكن في إسرائيل، من الصعب العثور على سابقة مماثلة.
الرواتب المعروضة للموظفين الذين سيخاطرون بحياتهم في غزة مرتفعة. وكما كشفت وكالة رويترز، عرضت شركة UG Solutions على المجندين راتبًا يوميًا يبدأ من 1,100 دولار (حوالي 4,000 شيكل)، بالإضافة إلى دفعة مقدمة بقيمة 10,000 دولار (نحو 36,000 شيكل).
التمييز بين موظفي الشركات الخاصة التي وصلت إلى غزة وبين الجنود الأمريكيين واضح تمامًا. لا يتعلق الأمر بوجود عسكري أمريكي رسمي على الأرض، كما أن تمويل هذه العمليات لا يقع على عاتق دافعي الضرائب الأمريكيين. الرواتب تُدفع من قبل قطر ومنظمات دولية. وفي حال وقوع إصابات خلال عمل هذه الشركات في قطاع غزة، فإن المتضررين سيكونون مدنيين يعملون في شركات خاصة، وليس ممثلين رسميين للولايات المتحدة.
في الواقع، يمكن استخلاص دروس حول وضع حوالي 100 موظف أمريكي سيعملون ضمن هذه الشركات المتعاقدة في القطاع من الأحداث التي أعقبت مقتل الإسرائيلي كوبي أبيطان الأسبوع الماضي، حيث كان يعمل كمشغل جرافة لصالح شركة مقاولات تنفذ مشاريع لصالح وزارة الدفاع الإسرائيلية. أبيطان لن يُعتبر “جنديًا سقط خلال الخدمة”، وحتى مسألة الجهة التي يفترض أن تصدر بيان النعي الرسمي بشأنه بقيت غير محسومة.
الشركات الأمريكية وموظفوها خضعوا لعملية موافقة صارمة من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قبل السماح لهم بإدخال حاويات ومعدات، بما في ذلك أسلحة، إلى القطاع والبدء بالعمل. وكما وصف مصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية، فإن اللجوء إلى هذه الشركات يمنح الأمريكيين “وجودًا دون إعلان رسمي”، فيما يتعلق بوجودهم في الميدان.
المقال منشور في وصلة بإذن خاص من موقع The Marker