
رغم التوتر السياسي بين إسرائيل وتركيا، تستعد الخطوط الجوية التركية (Turkish Airlines) لاستئناف رحلاتها على خط تل أبيب – إسطنبول، وهو أحد أكثر الخطوط ربحية للشركة. وفقًا للتوقعات والتقديرات في قطاع الطيران، من المتوقع أن تعود الشركة إلى العمل في هذا المسار بشكل محدود اعتبارًا من يونيو المقبل (شهر 6)، على أن تستأنف عملياتها بشكل كامل في أكتوبر 2025.
تعتبر الخطوط الجوية التركية واحدة من أكبر شركات الطيران الأجنبية التي عملت في مطار بن غوريون، وهي مملوكة جزئيًا للحكومة التركية التي تمتلك 49% من أسهمها. ورغم أنها تعمل كشركة تجارية تهدف إلى تحقيق الأرباح، إلا أن قراراتها تخضع أيضًا للاعتبارات السياسية، بحكم التأثير الحكومي عليها.
قبل اندلاع الحرب، كانت الشركة واحدة من اللاعبين الرئيسيين في قطاع الطيران الإسرائيلي. وحسب موقع غلوبس الاقتصادي، احتلت في عام 2019 قبل جائحة كورونا، المرتبة الرابعة حيث حجم النشاط في المطار، بحصة سوقية بلغت 4.87%. وحتى عام 2023، حافظت على موقعها بين كبرى الشركات العاملة في البلاد، رغم توقفها عن العمل فور اندلاع الحرب في أكتوبر، ما أدى إلى تعليق رحلاتها لثلاثة أشهر. شركة بيغاسوس التركية للطيران منخفض التكلفة، التي تفكر هي الأخرى في العودة إلى أجواء البلاد، كانت تحتل المركز الثاني عشر في حينه.
يُعتبر خط تل أبيب – إسطنبول واحدًا من أكثر المسارات المربحة بالنسبة للخطوط الجوية التركية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الطلب المرتفع على رحلات المتابعة (الكونكشن) عبر مطار إسطنبول، الذي يُعد واحدًا من أهم مراكز الطيران العالمية.
العديد من المسافرين من البلاد يستخدمون إسطنبول كنقطة عبور نحو أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا، مستفيدين من الأسعار التنافسية والخدمات الواسعة التي تقدمها الشركة. وعلى عكس بعض شركات الطيران الأخرى، فإن الرحلات إلى البلاد ليست حيوية للسياحة التركية نفسها، التي تشهد نموًا ملحوظًا حتى دون الاعتماد على المسافرين الإسرائيليين، لكنها تلعب دورًا أساسيًا في تعزيز شبكة الرحلات الدولية للشركة.
حسم عودة الشركات التركية إلى البلاد سيكون مرتبطًا بحقوق الهبوط والإقلاع (slots) في مايو المقبل. كان من المفترض أن تتخذ الشركات التركية قرارها النهائي في مارس، لكن حالة عدم الاستقرار الأمني أدت إلى تأجيل المداولات.
الشركات التي تستغل حقوق الإقلاع والهبوط بشكل منتظم يمكنها الاحتفاظ بها، ولكن في حال التوقف عن استخدامها، فإن هذه الحقوق تنتقل لشركات طيران أخرى. لذا، فإن استمرار تعليق رحلات الخطوط الجوية التركية قد يمنح الشركات المنافسة، وعلى رأسها “فلاي دبي”، فرصة الاستحواذ على هذه الامتيازات وتعزيز حضورها في سوق الطيران.
وتدرك الشركة التركية أن التأخر في العودة قد يفقدها فترات زمنية مميزة في الإقلاع والهبوط، ما قد يسمح للمنافسين بإحكام سيطرتهم على المسار والاستفادة القصوى من حركة الطيران اليومية.

تعمل “فلاي دبي” بالفعل على تعزيز وجودها في البلاد، حيث تُشغّل ثماني رحلات يومية بين دبي وتل أبيب، وهو عدد قابل للزيادة. كما أن مطار دبي يُعتبر نقطة ربط عالمية رئيسية للرحلات المتجهة إلى آسيا وأوروبا، مما يجعله منافسًا مباشرًا لمطار إسطنبول.
وتعكس هذه المنافسة أهمية حقوق الإقلاع والهبوط في المطارات الدولية، إذ أن بعض شركات الطيران خلال أزمة كورونا حرصت على تشغيل رحلات شبه فارغة للحفاظ على امتيازاتها في الأوقات المفضلة، فيما عُرف بـ”رحلات الأشباح”.
قبل الحرب، كان لحضور الخطوط الجوية التركية في البلاد تأثير واضح، حيث قامت بتسيير أكثر من 10 رحلات يومية بين تل أبيب وإسطنبول، وفي أوقات الذروة وصل العدد إلى 16 رحلة يوميًا. وخلال صيف 2023، كان أكثر من 5% من إجمالي المسافرين عبر مطار بن غوريون يستقلون رحلات الشركة، مما يعكس مدى أهميتها في السوق الإسرائيلية.
القرار النهائي حول مستقبل الشركة في إسرائيل سيكون مرتبطًا بالتطورات السياسية والأمنية خلال الأشهر القادمة، لكن ما هو واضح أن المنافسة على هذا المسار المربح ستكون شديدة، خاصة مع دخول شركات أخرى لمحاولة استغلال الفراغ الذي خلفه غياب الخطوط الجوية التركية.
مقالات ذات صلة: يونايتد إيرلاينز تعود إلى البلاد… الموعد وأسعار التذاكر إلى نيويورك