يشهد قطاع الهايتك في البلاد موجة جديدة من تسريحات العمال منذ بداية عام 2025، وهذه المرة بشكل مختلف عن العام الماضي. على عكس تسريحات الطوارئ التي فرضتها الحرب، والتي أجبرت الشركات على خفض العمالة بشكل سريع، يبدو أن هذه الجولة من التسريحات مخطط لها مسبقًا وتأتي كجزء من عمليات إعادة الهيكلة وتحسين الكفاءة داخل الشركات القوية والمربحة.

شركات كبرى تستغني عن مئات الموظفين
خلال الأسبوع الماضي وحده، أعلنت عدة شركات رائدة في مجال الهايتك عن تقليصات واسعة في القوى العاملة لديها. وفقًا لموقع غلوبس، قررت شركة AppsFlyer، المتخصصة في تكنولوجيا الإعلانات وقياس الأداء الرقمي، تسريح 100 موظف، ما يعادل 7% من إجمالي العاملين لديها، رغم أن الشركة، التي تضم 1,400 موظف تحقق نجاحات كبيرة، إذ بدأت الشركة تحقيق أرباح منذ عام 2024، مسجلةً تدفقات نقدية إيجابية لأكثر من عامين، مع إيرادات سنوية تتراوح بين 300 إلى 350 مليون دولار. كما أنها تفكر في إدراج أسهمها في بورصة ناسداك خلال الفترة المقبلة، مع خطط لجمع حوالي 300 مليون دولار.
شركة أخرى تأثر موظفوها بموجة التسريح هي Moon Active، إحدى أكثر شركات الألعاب الإلكترونية ربحية في البلاد، حيث قررت تقليص العشرات من الوظائف، مع تقديرات تشير إلى ما بين 50 و100 موظف. الشركة، التي تضم 2,500 موظف حول العالم، تشتهر بلعبة Coin Master التي تدر عليها إيرادات تقدر بحوالي 2 مليار دولار سنويًا.
أما شركة Innoviz، المتخصصة في تطوير مستشعرات الليدار لصناعة السيارات، فقد أعلنت عن تسريح 9% من موظفيها، في محاولة لخفض التكاليف وتقليل النفقات السنوية بمقدار 12 مليون دولار.
التحديات التي تواجه القطاع والتوقعات المستقبلية
على الرغم من موجة التسريحات، يرى بعض الخبراء أن هذه الإجراءات ليست أزمة حقيقية، بل هي جزء من التعديلات الطبيعية التي يقوم بها السوق بعد فترات من النمو السريع، إذ إنّها ليست أزمة مثل العام الماضي عندما كانت الشركات في حالة من الفوضى، مع توفّر فرص للنمو المستقبلي.
هناك عامل آخر يعزز التفاؤل في السوق، وهو التأثير المحتمل لعودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، حيث تعتقد بعض الأوساط الاقتصادية أن ذلك قد يعزز الاستثمارات في وول ستريت، وبالتالي ينعكس إيجابًا على قطاع الهايتك الإسرائيلي، الذي يعتمد بشكل كبير على السوق الأمريكي.
شركات التكنولوجيا العالمية تتبع نفس النهج
الموجة الحالية من التسريحات ليست ظاهرة محلية فقط، بل تعكس توجهًا عالميًا نحو تقليص العمالة في شركات التكنولوجيا الكبرى. مايكروسوفت أعلنت عن تسريح عدد من الموظفين الذين لم يحققوا الأهداف المطلوبة، في حين تخطط ميتا لتسريح 3,600 موظف، ما يعادل 5% من القوة العاملة لديها.
أما أمازون، التي سرّحت آلاف الموظفين في السنوات الأخيرة، فلاتزال مستمرة في تقليص التكاليف، حيث تركز الجولة الأخيرة من التسريحات على إدارات الاتصالات والاستدامة. جوجل تبنت نهجًا مختلفًا بعض الشيء، حيث عرضت على بعض الموظفين خيار المغادرة الطوعية مع تعويضات مالية، بينما أعلنت Salesforce عن خطة لتسريح 10% من قوتها العاملة على مستوى العالم، وهو ما يشمل أيضًا عددًا من موظفيها في البلاد.

الفرق بين أزمة 2024 والمرحلة الحالية
المقارنة مع ما حدث العام الماضي تعطي فكرة أوضح عن وضع السوق. في بداية 2024، كانت صناعة الهايتك الإسرائيلية تمر بمرحلة حرجة، حيث تم تسريح حوالي 3,000 موظف خلال الأيام العشرة الأولى فقط، مع إغلاق عدد من الشركات الناشئة بسبب التحديات التمويلية الناتجة عن الحرب.
لكن هذه المرة، تبدو الأمور أقل حدة. شركات مثل Moon Active وAppsFlyer لم تتخذ قراراتها تحت ضغوط اقتصادية مفاجئة، بل كجزء من إعادة تقييم استراتيجياتها لمواصلة تحقيق الأرباح على المدى الطويل. كما أن العديد من الشركات المتوسطة والصغيرة لا تزال تواجه صعوبة في جذب استثمارات رأس المال المغامر، ما يجعلها أكثر حذرًا فيما يتعلق بالتوظيف.
واحدة من المشكلات التي تواجه شركات الهايتك الإسرائيلية هي تكلفة التوظيف المرتفعة مقارنة بدول أخرى. بحسب بعض الخبراء، بدأت بعض الشركات بنقل مراكز التطوير والتوظيف إلى الهند وأوروبا الشرقية، حيث تكاليف التوظيف أقل بكثير، مما يتيح لها الحفاظ على تنافسيتها.
رغم موجة التسريحات الحالية، فإن النظرة المستقبلية لقطاع الهايتك في البلاد لا تزال إيجابية. العديد من الشركات الكبرى لا تزال تحقق أرباحًا قوية، كما أن الاستثمارات في مشاريع جديدة لم تتوقف تمامًا. وبحسب بعض التقديرات، فإن السوق قد يشهد انتعاشًا كبيرًا خلال النصف الثاني من 2025، حيث من المتوقع أن تعود العديد من الشركات إلى التوظيف بوتيرة أعلى، خاصة إذا استمرت المؤشرات الاقتصادية الإيجابية في الولايات المتحدة وأوروبا.
مقالات ذات صلة: مؤتمر الهايتك السنوي لمؤسسة CO IMPACT: نحو بناء جسور جديدة للهايتك مع المجتمع العربي