أصدرت الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب قرارًا بتجميد تمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) لمدة 90 يومًا، ما أدى إلى تعليق دعم العديد من المؤسسات الإسرائيلية والفلسطينية التي تعمل في مجالات التنمية الاقتصادية والتعاون المشترك. هذا القرار طال برنامج MEPPA، وهو مبادرة كان ترامب نفسه قد وافق عليها عام 2020، بهدف استثمار 250 مليون دولار خلال خمس سنوات لدعم التعاون الاقتصادي بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتعزيز النمو الاقتصادي الفلسطيني.
القرار أثر بشكل فوري على ميزانيات المنظمات التي تعتمد على هذا التمويل. خلال حديثها مع موقع ذاماركر، صرّحت مديرة إحدى المنظمات العاملة في مجال دمج الإسرائيليين والعرب والفلسطينيين في سوق العمل وقطاع الهايتك، بأنّ القرار أدى إلى خسارة فورية في الميزانية قدرها 300 ألف دولار، مع احتمالية فقدان 2.8 مليون دولار خلال العامين ونصف القادمين إذا لم يتم استئناف البرنامج.

آلية التمويل المعطلة وتأثير القرار على المشاريع القائمة
المنظمات المستفيدة من التمويل الأميركي تعمل وفق نظام التمويل المعوض، حيث تقوم بتنفيذ المشاريع ودفع المستحقات للموردين والمشاركين، ثم تسترد الأموال لاحقًا من الحكومة الأميركية. ومع صدور القرار الأخير، أُبلغت هذه المنظمات بأن التمويل سيغطي فقط الأنشطة التي تمت حتى 24 يناير 2025، في حين أن أي نشاط لاحق لن يتم تمويله في الوقت الحالي، ما يضع العديد من المشاريع في حالة من عدم اليقين المالي.
إحدى التأثيرات المباشرة للقرار هي تعطيل الدورات التدريبية والمبادرات التي أطلقتها هذه المنظمات. ورغم ذلك، قررت بعض المؤسسات الاستمرار في تشغيل برامجها بتمويل ذاتي، على أمل إعادة تفعيل الدعم الأميركي، رغم المخاطرة المالية المرتبطة بهذه الخطوة.
شروط غامضة وإشارات سياسية جديدة
المنظمات التي تضررت من القرار أبدت عدم وضوح في المعايير الجديدة التي يجب أن تفي بها البرامج لاستئناف التمويل. حتى الآن، لا يوجد تعريف رسمي للمتطلبات التي تجعل المشروع مؤهلًا للحصول على الدعم، لكن بعض المصادر المطلعة على الإدارة الأميركية أوضحت أن الشرط الأساسي حاليًا هو “مدى الفائدة التي تعود على المواطن الأميركي”.
علاوة على ذلك، أفادت بعض المنظمات بأنها تلقت رسائل غير رسمية من شخصيات على صلة بالإدارة الأميركية توصي بتجنب استخدام مصطلح “التنوع” (Diversity) في وصف المشاريع، حيث أصبح هذا المصطلح غير مرحب به في الخطاب الحكومي الأميركي الحالي، وكأنّ التنوع أصبح “كلمة قذرة”، كما صرح أحد العاملين في المؤسسات المتضررة.

أثر التعليق أوسع!
كذلك، يواجه قطاع غزة تداعيات اقتصادية كارثية جراء تجميد التمويل الأميركي للمؤسسات التي كانت تدير مشاريع تنموية في القطاع، ما أدى إلى إغلاق عشرات المشاريع وتسريح عدد كبير من العاملين. وقد توقفت مؤسسات كانت تنشط في التعليم والصحة والمشاركة المجتمعية عن العمل، ما أدى إلى إيقاف تقديم الأدوية، والمساعدات الصحية، و القيام بمشاريع البنية التحتية الأساسية.
قرار تعليق تمويل USAID هو جزء من توجه أوسع تقوده إدارة دونالد ترمب، إلى جانب شخصيات بارزة مثل إيلون ماسك، حيث أصبحت الوكالة واحدة من أول الأهداف للهجمات السياسية من قبل الإدارة الجديدة. إيقاف برامج المساعدات التي تقدمها المنظمة حول العالم يعني فعليًا تفكيك واحدة من أهم أذرع النفوذ الأميركي “الناعم” على المستوى الدولي. ورغم أن ميزانية USAID السنوية لا تشكل أكثر من 1% من إجمالي الميزانية الفيدرالية الأميركية، لكنها تلعب دورًا محوريًا في مكافحة الأوبئة، دعم المجتمعات الفقيرة، ومنع انتشار العنف والحروب، وتنفيذ مشاريع تنموية في مناطق النزاع، حيث تدعم مشاريع بقيمة تتراوح بين 40 و60 مليار دولار سنويًا حول العالم.
باتت منظمة USAID التي تضم أكثر من 10,000 موظف حول العالم، تواجه شللًا إداريًا غير مسبوق، حيث تم تعليق عمل 500 موظف، وكان من المفترض أن ينضم إليهم 2,200 موظف آخر. مع تصاعد الأزمة، لجأت النقابات العمالية لموظفي الحكومة الأميركية إلى رفع دعوى قضائية ضد إدارة ترمب، متهمة إياها بانتهاك الدستور الأميركي والإضرار بحقوق العاملين. وعلى إثر ذلك، أصدر قاضٍ فيدرالي أمرًا قضائيًا مؤقتًا يمنع تنفيذ قرار ترامب بتجميد عمل 2,200 من موظفي USAID، ما أدى إلى تعليق مؤقت للإجراء. في الوقت ذاته، تم إغلاق الموقع الرسمي للوكالة وإزالة شعاراتها من مقرها الرئيسي في واشنطن، في إشارة إلى أن مستقبل الوكالة بات مجهولًا أكثر من أي وقت مضى.
مقالات ذات صلة: ضمن خطة ترمب الجديدة لغزة… إلغاء التمويل الأمريكي لعشرات المشاريع الإنسانية وتسريح موظفيها