
تشير بيانات التوظيف الصادرة عن مؤسسة الفنار لعام 2024 إلى تفاقم ظاهرة البطالة وعدم الانخراط في التعليم أو التدريب بين الشباب العرب في البلاد، حيث ارتفع عدد الشباب الذين لا يعملون ولا يدرسون ولا يتلقون تدريبًا مهنيًا إلى مستويات غير مسبوقة، ما يهدد بحدوث أزمة اقتصادية طويلة الأمد.
ارتفع معدل الشباب العرب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا ولا يشاركون في أي نشاط اقتصادي أو تعليمي من 22.3% في أوائل عام 2023 إلى 34.5% في عام 2024، ما يعكس زيادة حادة بنسبة 12.2% خلال فترة قصيرة. بينما شهدت نسبة الشابات العربيات اللواتي لا يعملن ولا يدرسن ارتفاعًا ملحوظًا، حيث ارتفعت النسبة من 36.6% قبل الحرب في أكتوبر 2023 إلى 42% في منتصف عام 2024.
من جهته أكد السيد حسام أبو بكر، مدير عام مؤسسة الفنار، بأن مؤشر التشغيل في المجتمع العربي لعام 2024 يعكس تحديات كبيرة رغم بعض التحسن في نسب تشغيل النساء. وأوضح أن الاقتصاد الإسرائيلي يخسر 30-40 مليار شيكل سنويًا بسبب عدم دمج المواطنين العرب بشكل كافٍ، مشددًا على ضرورة إيجاد حلول عاجلة.
أما د. نسرين حداد حاج يحيى، التي أعدت المؤشر، فقد قالت أن “البيانات تعكس واقعًا معقدًا ومتنوعًا؛ فمن جهة، هناك ارتفاع في نسبة النساء العربيات المنخرطات في سوق العمل، لكن في المقابل، نشهد تراجعًا مقلقًا في تشغيل الشباب واتساعًا مستمرًا في فجوات الأجور. لتحسين اندماج المجتمع العربي في الاقتصاد الإسرائيلي، لا بد من تحرك حكومي منسق”.

تراجع التوظيف وتوسّع الفجوة الاقتصادية بين العرب واليهود
انخفضت نسبة التوظيف بين الشباب العرب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا من 60.7% في عام 2013 إلى 57% في عام 2023، ما يعكس تراجعًا مستمرًا في فرص العمل المتاحة لهذه الفئة. كما انخفضت نسبة توظيف الفئة العمرية 25-29 عامًا من 77.3% في عام 2019 إلى 74.4% في عام 2024.
فيما يتعلق بالفجوة الاقتصادية، شهد العقد الماضي اتساعًا في الفجوة بين أجور الرجال العرب واليهود، حيث زادت الفجوة من 66% في 2013 إلى 70% في 2024. بالنسبة للنساء، تفاقمت الفجوة بشكل أكبر، حيث ارتفعت من 54% إلى 66% خلال الفترة نفسها، الأمر الذي يعكس استمرار التحديات الاقتصادية الهيكلية التي تواجهها النساء العربيات في سوق العمل.
النساء العربيات يحققن تقدمًا رغم التحديات
على الرغم من أن نسبة النساء العربيات العاملات ارتفعت من 30.5% في عام 2013 إلى 45.6% في عام 2023، إلا أن هذه النسبة لا تزال بعيدة عن نسبة مشاركة النساء اليهوديات في سوق العمل، والتي بلغت 84.6% خلال الفترة نفسها.
تظهر البيانات أن أكثر من ربع النساء العربيات يعملن في قطاع التعليم، في حين أن 25% منهن يعملن في قطاع الصحة والخدمات الاجتماعية. بينما لا تزال نسبة العاملين العرب في القطاعات ذات الأجور المرتفعة مثل الهايتك، والإدارة العامة، والخدمات العلمية والتقنية منخفضة للغاية، وهو ما من شأنه إبقاء فجوة الأجور قائمة.
انعدام الأمان الوظيفي وتحديات سوق العمل
يواجه العمال العرب في البلاد معدلات عالية من انعدام الأمان الوظيفي، حيث يعمل 13.8% من الرجال العرب بدون عقد عمل رسمي، وهي نسبة تزيد بستة أضعاف عن معدل الرجال اليهود. ويعتقد 47.1% منهم أنهم سيجدون صعوبة في العثور على وظيفة جديدة بنفس مستوى الأجر في حال فقدوا وظائفهم الحالية.

بالإضافة إلى ذلك، لا تزال نسبة العرب في المناصب الإدارية منخفضة، حيث لا تتجاوز 1.4% من النساء العربيات و5.4% من الرجال العرب، مقارنة بـ 5.3% من النساء و11.3% من الرجال في المجتمع اليهودي، مما يسلط الضوء على ضعف التمثيل العربي في المناصب القيادية داخل سوق العمل.
الحرب تفاقم الأزمة وتزيد من معدلات البطالة بين الشباب
شهدت السنوات الماضية تقلبات حادة في نسبة الشباب العرب الذين لا يعملون ولا يدرسون، حيث بلغ معدل الذكور العاطلين عن العمل من هذه الفئة 19.5% في عام 2015، قبل أن يقفز إلى 36% خلال أزمة جائحة كورونا بين عامي 2020 و2021. ومع بداية عام 2023، انخفضت النسبة إلى 22.3% بفضل الخطة الاقتصادية رقم 550، التي يهدف إلى تقليص الفجوات الاقتصادية في المجتمع العربي بحلول عام 2026.
لكن مع اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، عاد معدل البطالة بين الشباب العرب إلى الارتفاع الحاد، حيث قفز إلى 34.5%، ما يعكس تأثير الحرب على فرص التوظيف والاستقرار الاقتصادي لهذه الفئة.
يتوقع الخبراء أن تستمر معدلات البطالة العالية بين الشباب العرب لفترة طويلة، ما لم تتخذ الحكومة إجراءات جذرية لمعالجة الأزمة. أصبحت الحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى إلى خطط حكومية فعالة تهدف إلى توفير فرص عمل للشباب، وتعزيز المهارات المهنية، وتحسين برامج التأهيل والتدريب، بحيث يتمكن الجيل القادم من الاندماج في سوق العمل.
مقالات ذات صلة: “الخاوة” في المجتمع العربي تُدفَع علنًا في وضح النهار — والدولة لا تفعل أي شيء!