
سجلت إيرادات الضرائب في البلاد خلال يناير 2025 رقمًا قياسيًا بلغ 62.5 مليار شيكل، ما أدى إلى تحقيق فائض في الميزانية بقيمة 23.2 مليار شيكل خلال شهر واحد. هذا الرقم التاريخي يضع وزارة المالية أمام تحديات جديدة، حيث تحاول التخفيف من الحماس بشأن هذه الزيادة غير العادية، بينما تتزايد الضغوط السياسية والاجتماعية لإلغاء بعض الإجراءات التقشفية وحتى إعادة النظر في رفع ضريبة القيمة المضافة.
وزارة المالية ترى أن الأسباب الرئيسية لارتفاع الإيرادات تعود إلى تقديم مواعيد الشراء وسحب الأرباح قبل تنفيذ الإجراءات الضريبية الجديدة، مثل رفع ضريبة القيمة المضافة إلى 18%، وفرض ضريبة إضافية على الأرباح، وتطبيق قانون الأرباح المحتجزة. رغم ذلك، فإن البيانات دفعت آفي سمحون، رئيس المجلس الاقتصادي الوطني، إلى الحديث علنًا عن إمكانية خفض ضريبة القيمة المضافة 1% لتعود إلى 17% إذا استمرت هذه الاتجاهات الإيجابية، خصوصًا بعد ارتفاع أسعار السلع الهامة بما يصل إلى 6% في كثير من الأحيان.
الضغط السياسي وتأثير فائض الإيرادات على القرارات المالية
مع بدء مناقشات ميزانية 2025 في الكنيست، لا تزال هناك 10.1 مليار شيكل من الإجراءات التقشفية المعلقة بانتظار الموافقة. تشمل هذه الإجراءات خصم يوم نقاهة إضافي للعاملين، ما سيوفر عوائد للدولة بقيمة 1.3 مليار شيكل، وتخفيض رواتب القطاع العام بقيمة 5 مليارات شيكل.
الأحزاب الدينية في الحكومة قد تستغل هذه الزيادة الاستثنائية في الإيرادات للمطالبة بتخفيف السياسات التقشفية، خصوصًا في ظل الخلافات حول قانون التجنيد وتمويل المؤسسات التعليمية الدينية. مع سيطرتها على لجنتي المالية والعمل والرفاه في الكنيست، تملك هذه الأحزاب القدرة على عرقلة أو تعديل أي من الخطط الاقتصادية المقترحة من وزارة المالية، وهو ما سبق أن حدث خلال مناقشات ميزانية 2024.

تراجع العجز المالي وزيادة مفاجئة في الإيرادات الضريبية
شهد العجز المالي تراجعًا حادًا، حيث انخفض من 6.9% من الناتج المحلي الإجمالي في ديسمبر 2024 إلى 5.8% في يناير 2025، ما يعادل 115 مليار شيكل. وفقًا للتقارير الصادرة عن المحاسب العام في وزارة المالية، ياهلي روتنبرغ، فإن هذا التحسن يعزى إلى قفزة كبيرة في الإيرادات الضريبية، والتي بلغت 63.1 مليار شيكل في يناير وحده، بزيادة 30% عن الرقم القياسي السابق المسجل قبل ثلاث سنوات.
أحد العوامل الرئيسية في هذا الارتفاع كان زيادة بنسبة 60.9% في الضرائب المباشرة مقارنة بيناير 2024، ويرجع ذلك جزئيًا إلى قيام الشركات والمستثمرين بتوزيع أرباحهم قبل دخول الضريبة الإضافية على الأرباح حيز التنفيذ في عام 2025. وفقًا لتقديرات وزارة المالية، فإن هذا العامل وحده أدى إلى إيرادات إضافية بلغت 7.5 مليار شيكل، ما عزز الفائض المسجل في الشهر الأول من العام.
انخفاض الإنفاق الحكومي وتراجع نفقات الدفاع
في مقابل هذا الارتفاع الضريبي، انخفض الإنفاق الحكومي في يناير إلى 39.9 مليار شيكل، أي أقل بنسبة 3.5% مقارنة بيناير 2024. أحد الأسباب الرئيسية لهذا التراجع كان انخفاض نفقات الدفاع بنسبة 23% مقارنة بالفترة التي كانت الحرب خلالها في ذروتها. إضافة إلى ذلك، فإن التأخير في إقرار ميزانية 2025 أجبر الوزارات الحكومية على العمل وفق ميزانية مستمرة، والتي تحدد سقفًا أقصى للإنفاق الشهري عند 43.6 مليار شيكل، وهو ما يقل بكثير عن المبالغ المخصصة في مشروع ميزانية 2025 الذي لا يزال في طور المناقشة في الكنيست.
رغم أن وزارة المالية تؤكد أن الارتفاع الكبير في الإيرادات قد يكون مؤقتًا بسبب تقديم عمليات الشراء والتوزيعات النقدية قبل تطبيق الإجراءات الجديدة، إلا أن هناك مؤشرات على انتعاش النشاط الاقتصادي بعد الحرب. حتى بعد استبعاد التأثيرات الاستثنائية، سجلت الإيرادات الضريبية زيادة حقيقية بنسبة 21% مقارنة بيناير 2024، وهو ما يشير إلى تحسن في أداء الاقتصاد بعد فترة الركود.
مقالات ذات صلة: صناديق التوفير الاستثماري في خطر… وزارة المالية تخطط لتقليص إعفاءاتها الضريبية