تواصل إسرائيل الترويج لفكرة الاستفادة الاقتصادية الواسعة من أي اتفاق تطبيع محتمل مع السعودية، حيث تشير تقارير إسرائيلية إلى أن الشركات الإسرائيلية قد تحصد ما يصل إلى 20% من قيمة مشروع نيوم، أي نحو 100 مليار دولار، في حال تمكنت تل أبيب من المشاركة في المشروع السعودي العملاق الذي تبلغ تكلفته التقديرية 500 مليار دولار.
هذه التوقعات تأتي في أعقاب زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة، حيث ناقش مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب سبل تسريع عملية التطبيع بين تل أبيب والرياض.

نيوم.. المشروع العملاق الذي تسعى إسرائيل لدخوله
يُعد مشروع نيوم من بين أضخم المشاريع المستقبلية في المملكة العربية السعودية، حيث يهدف إلى بناء مدينة ذكية تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والطاقة المتجددة، وتمتد على مساحة 10,230 ميلًا مربعًا في المنطقة الحدودية بين السعودية والأردن ومصر. يهدف المشروع إلى تحويل السعودية إلى مركز عالمي للابتكار والاستثمار التكنولوجي، مما يجذب اهتمامًا واسعًا من كبرى الشركات العالمية، بما في ذلك الشركات الإسرائيلية التي ترى فيه فرصة اقتصادية هائلة.
بحسب صحيفة بيزنس إنسايدر، فإن نجاح المشروع يعتمد بشكل كبير على الاستقرار الإقليمي، حيث أشارت إلى أن خطط رؤية 2030 التي تقودها السعودية قد تأثرت سلبًا بسبب الحرب في غزة، ما يجعل تحقيق سلام إقليمي أحد العوامل الضرورية لتأمين استثمارات ضخمة في المشروع.
تصاعد التوقعات بشأن التعاون الاقتصادي بين إسرائيل والسعودية
في أغسطس 2024، نقلت وكالة بلومبيرغ عن شخصيات سعودية بارزة أن التكلفة الإجمالية لمشروع نيوم قد ترتفع إلى 1.5 تريليون دولار، وهو ما يعزز أهمية جذب الاستثمارات الأجنبية لتحقيق أهدافه. هذه التطورات أسالت لعاب الشركات الإسرائيلية، إذ أكّد عدد من الخبراء الاقتصاديين الإسرائيليين بأنّ الشركات الإسرائيلية مستعدة للمشاركة في مشاريع البنية التحتية والتكنولوجيا داخل نيوم، لا سيما في مجالات الأمن السيبراني والطاقة المتجددة والدفاع.
في هذا السياق، بدأت شركات إسرائيلية مثل “تيفن للاستشارات” في الاستعداد لإبرام صفقات محتملة، وسط تقارير تشير إلى أن زبائنها يتهيأون لبدء التعاون الاقتصادي بعد أي اتفاق تطبيع، سواء أكان ذلك بشكل كامل أو جزئي.

الطموح الإسرائيلي في التجارة الإقليمية وارتباطه بنيوم
خلال مايو 2024، كشفت صحيفة The Architect’s Newspaper أن نتنياهو قدم خطة إقليمية لإنشاء منطقة تجارة حرة ضخمة تربط إسرائيل بمشروع نيوم. كما أشار إلى أن “رؤية غزة 2035” التي طرحها تشمل إنشاء مناطق اقتصادية حرة تربط بين غزة والعريش وسديروت، ضمن مخطط إقليمي أوسع يشمل السعودية.
وفقًا لتقارير صحفية إسرائيلية، فإن هذه المنطقة التجارية تمتد على مساحة 141 ميلًا مربعًا، وتشمل مشاريع طاقة متجددة، محطات تحلية مياه، ومنصات نفط بحرية تمتد حتى نيوم، إضافة إلى إنشاء خط سكة حديد يربط بين غزة ومدينة نيوم. ومن بين الأهداف الرئيسية لهذه الخطة استغلال احتياطيات النفط في غزة، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن مخزون النفط في غزة والضفة الغربية يصل إلى أكثر من 3.2 مليار برميل، وهو ما قد يمثل دافعًا اقتصاديًا قويًا لخطط التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل.
هل تصبح إسرائيل جزءًا من “نيوم”؟
رغم التقارير الإسرائيلية المتزايدة حول إمكانية مشاركة تل أبيب في مشروع نيوم، لا تزال السعودية لم تعلن رسميًا عن أي نوايا للتعاون المباشر مع إسرائيل في هذا الإطار. غير أن المحللين الاقتصاديين يشيرون إلى أن المصالح الاستراتيجية قد تدفع الرياض إلى الانفتاح على بعض أشكال التعاون غير المباشر، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة.
ورغم أن نتنياهو دعا مؤخرًا إلى إقامة دولة فلسطينية في السعودية، ما قوبل باستنكار قوي من السعودية وتأكيدها على إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران، إلا أنّ وجود دونالد ترمب، بمنطقه التجاري، في خلفية المشهد قد يذلل العقبات الممكنة بين حليفيه البارزين في المنطقة: بنيامين نتنياهو ومحمد بن سلمان.
ويبدو أن ربط غزة بنيوم، والمكاسب التجارية الضخمة الناجمة عن ذلك، قد يكون أحد الأسباب الأساسية التي جعلت ترمب يردد مؤخرًا رغبته في شراء غزة وإفراغها من سكانها…
مقالات ذات صلة: من جرينلاند إلى غزة… كل شيء في أوهام الرئيس الأمريكي بـ”الأخضر” يُشترى!