
سجل قطاع الصناعة العربية في البلاد نمواً قياسياً، حيث بلغت مساهمته في الإنتاج الإجمالي للاقتصاد 2 مليار شيكل خلال العام الأخير، وهو ما يشير إلى تنامي أهميته كلاعب رئيسي في الاقتصاد المحلي والدولي. ويمثل التوسع في التصدير للأسواق العالمية المفتاح الأهم لنمو هذه الصناعات وخروجها من نطاق المصالح الصغيرة والمتوسطة، ما سيؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الازدهار الاقتصادي للمجتمع العربي.
التحديات والاستراتيجيات لمضاعفة الإنتاج الصناعي العربي
تعمل لجنة الصناعات العربية في اتحاد أرباب الصناعة على تكثيف جهودها لدعم المصانع العربية وتوسيع قاعدة الإنتاج، خاصة بعد التحديات التي فرضتها الحرب الأخيرة وما تبعها من تباطؤ اقتصادي في مختلف القطاعات. وفي إطار خطة العمل الجديدة لعام 2025، سيتم إدماج ممثلين عرب في كل نقابة صناعية ضمن اتحاد أرباب الصناعة، بهدف تعزيز التمثيل الرسمي للصناعات العربية أمام الجهات الحكومية وفتح قنوات جديدة لتصدير المنتجات العربية للخارج.
وعلى الرغم من العقبات التي تواجه هذا القطاع، مثل ارتفاع الضرائب، وتكاليف الطاقة والمياه، واضطرابات سلاسل التوريد العالمية، إلا أن الصناعات العربية تمكنت من الحفاظ على استمرارية الإنتاج، بل وتحقيق إنجازات بارزة على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة.
يشير أيمن هريش، مسؤول ملف المصنعين العرب في اتحاد أرباب الصناعة، إلى أن الهدف الأساسي لهذا العام هو زيادة عدد المصانع العربية، خاصة في قطاعات الصناعات الأساسية مثل الأغذية، والمعادن، والنسيج. ويهدف الاتحاد إلى رفع نسبة التصدير الصناعي العربي إلى 30% بحلول نهاية 2025، مما سيتيح للمصانع العربية فرصة التوسع في الأسواق الدولية وزيادة قدرتها التنافسية.
كما تم وضع خطة لمضاعفة نسبة توظيف النساء العربيات في القطاع الصناعي، من خلال برامج تدريب وتأهيل متخصصة بالتعاون مع وزارة المساواة الاجتماعية. إضافة إلى ذلك، يتم العمل على تعزيز المشاركة الصناعية العربية في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحيوية.

أرقام قياسية للصناعات العربية
أظهرت إحصائيات دائرة الإحصاء المركزية أن الصناعات العربية ساهمت بـ8% من الناتج الصناعي القومي في 2023، بزيادة بنسبتها 2% مقارنة بعام 2019. كما كشف تقرير بنك إسرائيل أن النشاط الصناعي العربي ساهم في زيادة الإنتاج الإجمالي بـ2 مليار شيكل خلال العام الأخير.
أما على صعيد الاستثمار، فقد أظهرت بيانات اتحاد أرباب الصناعة أن 12% من المصانع الجديدة التي أُنشئت خلال 2023 كانت بملكية عربية، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 4% مقارنة بعام 2020. أما فيما يتعلق بالقطاعات، فقد شهدت الصناعات الغذائية، لا سيما منتجات الألبان والأجبان، نموًا بنسبة 15% خلال العام الماضي، مع توسع ملحوظ في التصدير للأسواق العالمية.
كما شهد قطاع الهايتك ارتفاعًا في عدد الشركات الناشئة العربية، خاصة في مدينتي الناصرة والطيرة. وفي قطاع البناء الأخضر، ارتفع عدد الشركات المتخصصة في مواد البناء المستدامة، استجابة للطلب المتزايد في كل من المجتمعين العربي واليهودي. إلى جانب ذلك، حققت الصناعات الطبية والدوائية نموًا ملحوظًا، مستفيدة من استثمارات حكومية ودولية.

التحديات المستقبلية والحلول المطروحة
على الرغم من هذه الإنجازات، لا تزال هناك عقبات بنيوية تعيق نمو القطاع الصناعي العربي، أبرزها نقص المناطق الصناعية المتطورة وغياب البنية التحتية اللوجستية للشحن والنقل. ويعمل الاتحاد حاليًا بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والصناعة وسلطة تطوير الأقليات على توسيع المناطق الصناعية في البلدات العربية، إضافة إلى تعزيز مصادر التمويل للمصانع العربية من خلال الصندوق المشترك لاتحاد أرباب الصناعة.
كما يمثل ارتفاع معدلات البطالة في المجتمع العربي تحديًا آخر، حيث تعمل اللجنة على دمج وتأهيل الأيدي العاملة بالتعاون مع مؤسسة الفنار – مراكز ريان، وجمعية أجيك.
من جانبه، شدد د. محمد زحالقة على أن تعزيز التصدير يمثل الحل الأمثل لضمان استدامة ونمو الصناعات العربية، وهو ما سينعكس إيجابيًا على خلق فرص عمل جديدة وتعزيز التنمية الاقتصادية في المجتمع العربي. وأضاف أن الصناعات العربية لم تعد مجرد قطاع محلي، بل أصبحت لاعبًا رئيسيًا في الاقتصاد الإسرائيلي، وتسعى بقوة إلى التوسع في الأسواق العالمية.
يؤكد القائمون على لجنة الصناعات العربية أن 2025 سيكون عامًا حاسمًا في تاريخ القطاع الصناعي العربي، حيث سيتم التركيز على زيادة الاستثمارات، تعزيز التصدير، وتحسين البنية التحتية الصناعية. ومع الدعم الحكومي المتزايد، والتعاون مع المؤسسات المالية والصناعية، فإن المستقبل يبدو واعدًا للصناعات العربية، التي باتت تمثل محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي والتطور التكنولوجي في البلاد.
مقالات ذات صلة: بسبب ظاهرة “الخاوة”… المصانع العربية تهجر المناطق العربية إلى المناطق اليهودية