
تشير أحدث البيانات الصادرة عن دائرة الإحصاء المركزية إلى أن سوق العمل في البلاد عاد إلى حالة الاستقرار بعد فترة من الاضطرابات الناجمة عن الحرب الأخيرة، إذ انخفض معدل البطالة الموسع إلى 4.1% في يناير 2025 مقارنة بـ 4.3% في ديسمبر 2024، ما يجعله الأدنى منذ بداية الحرب والأدنى منذ أزمة جائحة كورونا. ويشمل هذا المعدل الباحثين عن عمل، والعاملين في إجازة غير مدفوعة الأجر، والعاطلين عن العمل الذين توقفوا عن البحث. وتعد هذه النسبة قريبة جدًا من تلك المسجلة في سبتمبر 2023 قبل اندلاع الحرب، حيث بلغ معدل البطالة الموسع حينها 4.2%، ما يعكس تعافي الاقتصاد بعد فترة من التباطؤ.
أما البطالة وفق التعريف الكلاسيكي، والتي تشمل الباحثين عن عمل فقط، فقد ارتفعت بشكل طفيف من 2.6% (119 ألف شخص) في ديسمبر 2024 إلى 2.8% (125 ألف شخص) في يناير 2025. وعلى الرغم من هذا الارتفاع، فإن نسبة أقل من 3% تُعتبر معدلًا صحيًا يعكس فقط البطالة الانتقالية الناجمة عن تغيير الوظائف. ومع ذلك، فإن هذه الأرقام تخفي تفاوتات اجتماعية، حيث لا يزال معدل البطالة مرتفعًا المناطق العربية.
ارتفع معدل التشغيل العام إلى 61% في يناير 2025، وهو أقرب إلى مستواه قبل الحرب في سبتمبر 2023 (61.1%)، ولكنه لا يزال أقل من متوسط الأشهر التسعة الأولى من عام 2023 والذي بلغ 61.4%. هذا المعدل يقيس نسبة العاملين من إجمالي السكان البالغين 15 عامًا فأكثر، ويعد مؤشرًا دقيقًا للنشاط الاقتصادي أكثر من معدل البطالة.
ورغم هذا التحسن، لا يزال عدد الوظائف الشاغرة مرتفعًا، حيث بلغ 140.7 ألف وظيفة في يناير مقارنة بـ 140.5 ألف وظيفة في ديسمبر، وهو ما قد يُعزى إلى تجنيد قوات الاحتياط العسكرية، إلى جانب النقص في العمال الأجانب، خاصة في قطاع البناء الذي يعتمد على العمال الفلسطينيين والوافدين من الخارج. وقد ظل معدل الوظائف الشاغرة مستقرًا عند 4.43% في يناير بعد أن كان 4.45% في ديسمبر.
على مدار العام الماضي، ارتفع عدد الوظائف الشاغرة من 125 ألف وظيفة في المتوسط عام 2023 إلى 137 ألف وظيفة في عام 2024، رغم الاتجاه التنازلي الذي استمر منذ منتصف 2022 حتى سبتمبر 2023، حيث بلغ عدد الوظائف الشاغرة حينها 116 ألف وظيفة فقط.
ويعكس هذا الارتفاع في الوظائف الشاغرة الطلب المتزايد على العاملين، لكنه يشير أيضًا إلى عدم تطابق بين مهارات العاطلين عن العمل ومتطلبات السوق، إلى جانب التحديات المرتبطة بغياب العمالة الأجنبية. وقد تأثرت قطاعات معينة بشكل ملحوظ، حيث شهد قطاع البناء ارتفاعًا غير مسبوق في الطلب على العمال.
وبحسب مقارنة بين معدلات الطلب على العمال قبل الحرب (متوسط يناير – سبتمبر 2023) ومتوسط عام 2024، كانت أكبر زيادة في قطاع البناء. فقد ارتفع الطلب على عمال البناء غير المهرة بنسبة 213%، من 1,934 وظيفة شاغرة في المتوسط خلال 2023 إلى 6,060 وظيفة في 2024. كما ارتفع الطلب على الحرفيين في البناء (مثل البلاط، وأعمال الحجر، والتشطيبات) بنسبة 85%، حيث زاد عدد الوظائف الشاغرة من 3,508 وظيفة في عام 2023 إلى 6,827 وظيفة في 2024.
في المقابل، شهد قطاع النقل انخفاضًا ملحوظًا في عدد الوظائف الشاغرة، حيث تراجع الطلب على السائقين بنسبة 31%، ما يعكس تباطؤًا في النشاط اللوجستي مقارنة بقطاعات البناء والتشييد.
مقالات ذات صلة: لمواجهة النقص الحاد في عدد الأطباء في البلاد الموافقة على إنشاء كليتين جديدتين للطب