رغم عدم موافقة بنك إسرائيل على إلغائها: لماذا انخفض استخدام ورقة الـ 200 شيكل بشكل كبير؟

انخفض إجمالي النقد المتداول في البلاد منذ سبتمبر بنسبة 4.7%، وهو انخفاض غير معتاد، كما سجلت نسبة زيادة النقد في عام 2024 أقل من 2%، وهي أدنى نسبة نمو في النقد المتداول منذ عام 2001، ما يعكس تحولًا في سلوكيات الدفع النقدي لدى المواطنين.
أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة
200 shekel
شهدت البلاد خلال الأشهر الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في استخدام ورقة الـ 200 شيكل – صورة تعبيرية

شهدت البلاد خلال الأشهر الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في استخدام ورقة الـ 200 شيكل، وهي الفئة النقدية الأكبر في السوق من حيث القيمة والتداول. وفقًا لبيانات بنك إسرائيل، بدأ هذا الانخفاض في سبتمبر 2024، عندما ظهرت تقارير حول اقتراح اقتصادي يدعو إلى إلغاء هذه الفئة كجزء من جهود مكافحة أنشطة السوق السوداء والحد من التهرب الضريبي. التوصية، التي جاءت من مجموعة من الاقتصاديين والخبراء الماليين، أثارت حالة من الذعر بين المواطنين، ما دفع الكثيرين إلى التخلص من هذه الأوراق النقدية بسرعة، إما عبر تصريفها إلى فئات نقدية أصغر أو تحويلها إلى عملات أجنبية.

بحسب موقع غلوبس الاقتصادي، انخفض إجمالي النقد المتداول في البلاد منذ سبتمبر بنسبة 4.7%، وهو انخفاض غير معتاد، كما سجلت نسبة زيادة النقد في عام 2024 أقل من 2%، وهي أدنى نسبة نمو في النقد المتداول منذ عام 2001، ما يعكس تحولًا في سلوكيات الدفع النقدي لدى الجمهور. هذا الانخفاض الحاد جاء بعد سنوات من الارتفاع المتواصل في النقد المتداول، خاصة بعد جائحة كورونا، حيث زاد الطلب على السيولة النقدية. ولكن منذ الحديث عن إلغاء الفئة النقدية الكبرى، بدأ المواطنون بتقليل الاحتفاظ بها، فانخفضت نسبتها مقارنة بفئة 100 شيكل من 2.5 ضعف إلى أقل من 2.2 ضعف خلال أشهر قليلة فقط.

كان السبب الرئيسي وراء الاقتراح إلغاء فئة 200 شيكل هو كونها تُستخدم على نطاق واسع في إخفاء الأموال غير المصرح بها للضرائب، حيث تشير التقديرات إلى أن 80% من إجمالي النقد المتداول من حيث القيمة كان في هذه الفئة تحديدًا، ما جعلها وسيلة مفضلة لحفظ الأموال خارج النظام المصرفي. رافق ذلك الاقتراح مبادرات من مسؤولين ماليين، اقترحت إعطاء فترة سماح لحاملي هذه الفئة لإيداعها في البنوك (مع دفع ضرائب عليها) ودون فتح تحقيق جنائي بحق المودعين.

وبينما لقيت فكرة إلغاء ورقة الـ 200 شيكل دعمًا من مسؤولين في وزارة المالية وسلطة الضرائب، إلا أن بنك إسرائيل عارضها بشدة، معتبرًا أنها قد تضر بالاقتصاد ولا توجد مبررات كافية لتنفيذها.

هذا الجدل لم يمنع الأسواق من التفاعل بسرعة، إذ رفض العديد من التجار قبول فئة 200 شيكل، كما شهدت محلات الصرافة طلبًا متزايدًا على الدولار واليورو كبديل لحفظ القيمة، في ظل مخاوف المواطنين من فقدان سيولة هذه الفئة أو صعوبة استخدامها في المستقبل. إلى جانب ذلك، لعب ارتفاع معدلات تزويرها دورًا في هذا التراجع، حيث انتشرت تقارير عن زيادة في تزوير هذه الأوراق النقدية،ما زاد من عزوف الجمهور عن التعامل بها.

لم يكن الجدل حول إلغاء هذه الورقة السبب الوحيد في التغيير، حيث يرى بعض المحللين أن التضخم، الذي بلغ 3.8% خلال العام الأخير، كان له دور أساسي في تقليل الاحتفاظ بالنقد. فمع ارتفاع الأسعار، أصبح الاحتفاظ بالنقد أقل جدوى من الإيداع في البنوك أو الاستثمار في أدوات مالية تقدم عوائد تفوق الخسائر الناتجة عن التضخم. كما أن التوسع في أنظمة الدفع الإلكتروني، مثل المدفوعات عبر الهاتف وبطاقات الائتمان، قلل من الحاجة إلى النقد الورقي، خاصة مع فرض قيود على المعاملات النقدية الكبيرة التي تتجاوز 6000 شيكل، وفقًا لقانون الحد من استخدام النقد.

رغم الانخفاض الملحوظ، لا تزال كمية النقد المتداولة بين المواطنين كبيرة، إذ بلغ إجمالي الأوراق النقدية المتداولة 127 مليار شيكل، إضافة إلى 3 مليارات شيكل في شكل عملات معدنية. ويرى الخبراء أن دور النقد لن يختفي قريبًا، خاصة في الأسواق غير الرسمية، وفي الأراضي الفلسطينية حيث يستخدم الشكل كعملة رئيسية، وهو ما يجعل فرض قوانين رقابية مماثلة لتلك الموجودة في إسرائيل أمرًا صعبًا هناك.

على الرغم من التراجع في تداول فئة 200 شيكل، لا توجد مؤشرات فورية على إلغائها رسميًا، حيث أكد بنك إسرائيل في بيان رسمي أن دوره هو “توفير النقد بجميع فئاته وفقًا لحاجة السوق”، وأوضح أن زيادة النقد في 2024 بلغت 2%، مشيرًا إلى استمرار توفر جميع الفئات النقدية في الأسواق. ولكن مع تراجع الثقة في فئة 200 شيكل، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كان الجدل الدائر سيؤدي إلى إلغاء تدريجي لها، أم أن السوق سيتأقلم مع هذا التغيير دون الحاجة إلى إجراءات رسمية.

مقالات ذات صلة: موافقة الكنيست بالقراءة الأولى على إلغاء الحد الأدنى للدفع ببطاقات الائتمان في متاجر البلاد

مقالات مختارة