
شهدت البلاد في عام 2024 انخفاضًا حادًا في مؤشر ثقة المستهلك، ليصل إلى أدنى مستوياته منذ بدء تسجيل هذا المؤشر في عام 2011، ما يعكس تشاؤمًا واسع النطاق بين المواطنين بشأن الوضع الاقتصادي. وفقًا لبيانات دائرة الإحصاء المركزية، بلغ متوسط المؤشر السنوي -27%، مقارنةً بـ-21% في عام 2023. حتى خلال جائحة كورونا، لم يكن مستوى التشاؤم بهذا الانخفاض، حيث ظل المعدل السنوي طويل الأمد لهذا المؤشر عند -14%، أي ما يقارب نصف مستوى عام 2024.
يُحسب مؤشر ثقة المستهلك ضمن نطاق يتراوح بين -100 و+100، حيث تعني القيم الإيجابية تفاؤل المستهلكين تجاه الوضع الاقتصادي، بينما تعكس القيم السالبة تشاؤمهم. حين يقترب المؤشر من الصفر، فهذا يشير إلى غياب التوقعات بأي تحسن أو تدهور ملحوظ في الأوضاع الاقتصادية. يستند المؤشر إلى تقييمات المواطنين البالغين 21 عامًا فأكثر حول الوضع الاقتصادي الحالي، وتوقعاتهم المستقبلية، بالإضافة إلى نواياهم فيما يتعلق بالادخار وشراء السلع الكبرى. كما يتم استخدام هذا المؤشر في صياغة السياسات الاقتصادية الحكومية، ومراقبة اتجاهات الدورة الاقتصادية.
من بين المعايير الفرعية التي أظهرت تراجعًا حادًا، كان المؤشر السنوي للتوقعات حول الوضع الاقتصادي العام في البلاد خلال العام المقبل الذي هبط إلى -45%، وهو أدنى مستوى مسجّل على الإطلاق. كما انخفض المؤشر السنوي للتوقعات بشأن الوضع المالي للأسر خلال العام المقبل إلى -9%، وهو أدنى مستوى منذ عام 2013 عندما سجل -10%. أما المؤشر الذي يقيس التغيرات الفعلية في الوضع المالي للأسر خلال العام الماضي، فقد سجل -21%، وهو أيضًا أدنى مستوى منذ 2013 عندما بلغ -22%.
على صعيد الإنفاق الاستهلاكي، شهد مؤشر النية في القيام بمشتريات كبيرة مثل السيارات والأجهزة الإلكترونية خلال العام المقبل انخفاضًا حادًا ليصل إلى -32%، وهو أدنى مستوى مسجّل منذ بداية نشر المؤشر عام 2011، ما يعكس انخفاضًا في ثقة المستهلكين بقدرتهم الشرائية المستقبلية.
إلى جانب المؤشر المطلق لثقة المستهلك، تنشر دائرة الإحصاء أيضًا مؤشر الثقة النسبي، وهو مشتق من المؤشر الرئيسي لكنه يُقاس مقارنةً بفترة الأساس الممتدة من مارس 2011 إلى فبراير 2012. وفقًا لهذا المؤشر، بلغت القيمة السنوية لعام 2024 نحو 48 نقطة فقط، مقارنة بـ70 نقطة في عام 2023، وهو أدنى مستوى تاريخي مُسجّل. للمقارنة، في عام 2021، كان المؤشر النسبي عند 119 نقطة، ما يدل على التحول الجذري في ثقة المستهلكين خلال السنوات الأخيرة.
يرجع هذا التدهور الحاد في ثقة المستهلكين في البلاد إلى عوامل عدة، أبرزها تباطؤ النمو الاقتصادي، حيث شهد الناتج المحلي الإجمالي للفرد انكماشًا بنسبة 0.3%، بالإضافة إلى الارتفاع المستمر في الأسعار والعجز المالي الكبير مقارنة بالدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD). تشير هذه البيانات إلى أن الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها البلاد لا تزال بعيدة عن الاستقرار، حيث يسود التشاؤم توقعات الأسر والشركات على حد سواء، ما قد يُلقي بظلاله على النمو الاقتصادي في المستقبل القريب.
مقالات ذات صلة: ثلث الزبائن لا يعتبرون أنّ البنوك تعاملهم بعدالة… وهذا البنك الأكثر إنصافًا