أعلنت مايكروسوفت عن رقاقة كمومية جديدة قد تساهم في تسريع استخدام الحواسيب الكمومية على نطاق صناعي خلال السنوات القليلة القادمة، بدلاً من العقود المتوقعة. رغم التفاؤل الذي تبديه الشركة، لا يزال تحقيق الاستخدام التجاري للحوسبة الكمومية يتطلب سنوات من البحث والتطوير.
تعتمد الحواسيب التقليدية على وحدات رقمية تُعرف بـ”البتات” (bits)، والتي تمثل إما 0 أو 1. في المقابل، تستخدم الحواسيب الكمومية وحدات كيوبت Qubit، التي يمكنها أن تكون 0 و1 في الوقت نفسه، وهي ظاهرة تُعرف باسم التراكب الكمومي، وهو ما قد يبدو غير منطقيًا، أو غير مفهومًا، وهذا بالضبط ما تتمحور حوله ميكانيكا الكم في الفيزياء،التي أثبتت قدرتها على تحدي منطقنا التقليدي، أو كما يُعبّر عالم الفيزياء الأمريكي الشهير ريتشارد فيمان: “إذا كنت تظن أنك تفهم ميكانيكا الكم، فهذا يعني أنك لا تفهم ميكانيكا الكم”.
هذه القدرة الكمومية تتيح أداء عمليات حسابية متوازية بسرعات غير مسبوقة، ما يجعلها قادرة على حل مشاكل معقدة في مجالات مثل تطوير الأدوية وتحسين سلاسل الإمداد. ورغم الاستثمارات الكبيرة التي ضختها شركات التكنولوجيا في هذا المجال، لا تزال هناك تحديات تعيق التطبيق العملي للحوسبة الكمومية. الكيوبتات شديدة الحساسية للضوضاء البيئية، ما يؤدي إلى فقدان البيانات، كما أن عملية قياسها قد تؤثر على حالتها، حيث تعتبر عملية القياس في ميكيانيكا الكم إحدى أكبر المعضلات فيها، إذ يؤثر المراقب الذي يقوم بعملية القياس على نتيجة التجربة! ما يعقّد إمكانية استخدامها بشكل موثوق.
في ديسمبر الماضي، أعلنت جوجل عن رقاقة كمومية جديدة باسم “Willow” تحتوي على 105 كيوبتات، وزعمت أنها قادرة على حل مشكلة رياضية معقدة خلال دقائق، بينما كان سيستغرق حلها باستخدام حاسوب تقليدي أكثر من عمر الكون. الآن، تدّعي مايكروسوفت تحقيق قفزة نوعية أخرى عبر الكشف عن Majorana 1، التي تُعتبر أول رقاقة كمومية تعتمد على ما يسمى بـ”الموصل الطوبولوجي”.
وفقًا لمايكروسوفت، فإن الموصل الطوبولوجي هو مادة جديدة تتيح التحكم الدقيق في الجسيمات الكمومية، ما يجعل من الممكن تطوير كيوبتات أكثر استقرارًا وقابلية للتوسّع. تقارن الشركة هذا الابتكار بالثورة التي أحدثتها أشباه الموصلات في عالم الحوسبة التقليدية. وتشير إلى أن هذا النوع من الشرائح قد يمهّد الطريق لإنشاء أنظمة كمومية تحتوي على مليون كيوبت، وهو رقم من شأنه تمكين الحوسبة الكمومية من تجاوز جميع القدرات المتاحة حاليًا في الحوسبة التقليدية.
ما يميز هذه التقنية، وفقًا لمايكروسوفت، هو أن الكيوبتات الطوبولوجية أكثر متانة وأقل عرضة للأخطاء، كما يمكن التحكم بها رقميًا بدلاً من الاعتماد على الأساليب التناظرية المستخدمة حاليًا. ومع ذلك، رغم وعود الشركة، لا يزال أمام هذه التقنية عقبات كبيرة قبل أن تصبح جاهزة للتطبيق الفعلي.
مقالات ذات صلة: بسعر مفاجئ… هواوي تطلق أول هاتف ثلاثي الطيات في العالم
