
تشهد إسرائيل تغيرات مناخية متسارعة مع ارتفاع درجات الحرارة وتزايد مخاطر الفيضانات، بينما لا تزال خطط الحكومة لمعالجة هذه الأزمات متعثرة. موجة البرد الأخيرة التي اجتاحت البلاد، رغم أنها لم تؤدِ إلى أمطار استثنائية، كشفت عن هشاشة البنية التحتية لمواجهة الطقس القاسي. في الوقت نفسه، يستعد المواطنون لصيف قد يكون الأشد حرارة على الإطلاق، ما يسلط الضوء على غياب الاستعدادات الحكومية لمواجهة تحديات المناخ المتفاقمة.
توقعات هيئة الأرصاد الجوية تشير إلى أن درجات الحرارة ستواصل ارتفاعها خلال العقود القادمة، حيث ستشهد مناطق مثل المناطق الساحلية والجنوبية صيفًا غير محتمل من حيث درجات الحرارة وعوامل الرطوبة. بحلول عام 2050، سيصبج الطقس الجيد نادرًا جدًا خلال الصيف، إذ ستسجل المناطق الساحلية ظروفًا جوية مريحة ومحتلمة بنسبة 5% إلى 10% فقط من أيام الصيف، بينما ستصل النسبة في النقب إلى 15%، وفي جبال المركز إلى 50%. السيناريو الأكثر تطرفًا، الذي يفترض عدم خفض انبعاثات الغازات الدفيئة عالميًا، يشير إلى أن المناطق الساحلية والأودية ستشهد موجات حرارة متواصلة دون أي فترات راحة على مدار اليوم.
في ظل هذه التحولات، لا تزال الحكومة تتباطأ في تنفيذ خطط التأقلم مع التغيرات المناخية. رغم تعهدات سابقة بإعداد خطة وطنية لمواجهة الأزمة المناخية، فإن معظم الوزارات لم تقدم حتى الآن خططًا ملموسة أو ميزانيات لتنفيذها. حتى مشاريع خفض درجات الحرارة في المدن، التي أُعلن عنها في 2021، لم تحصل على التمويل اللازم ولم تُنفذ فعليًا، بينما يستمر قطع الأشجار في المناطق الحضرية دون أي إجراءات تعويضية فعالة.

الفيضانات أيضًا تمثل تهديدًا متزايدًا، حيث كشفت تقارير رسمية أن إسرائيل غير مهيأة للتعامل مع تداعيات الأمطار الغزيرة. وفقًا لتقديرات الخبراء، تحتاج مشاريع تحسين تصريف المياه وتحديث البنية التحتية إلى استثمارات تصل إلى 6 مليارات شيكل، لكن الحكومة لم توفر التمويل المطلوب.
على الصعيد العالمي، تسجل درجات الحرارة ارتفاعًا غير مسبوق، حيث أظهرت دراسات علمية حديثة أن عام 2024 شهد زيادة بمقدار 1.6 درجة مئوية عن متوسط ما قبل الثورة الصناعية، متجاوزًا الحد الذي حددته اتفاقية باريس للمناخ. في السنوات الأخيرة، تسارعت وتيرة فقدان الكتل الجليدية حول العالم، مع تسجيل انخفاض بنسبة 36% في العقد الأخير مقارنة بالعقد الذي سبقه. هذا التراجع السريع يهدد بارتفاع مستوى سطح البحر، مما يزيد من احتمالية الفيضانات في المدن الساحلية حول العالم.
الأثر الاقتصادي لتغير المناخ بدأ يظهر بوضوح أيضًا، حيث يتوقع المحللون ارتفاع أسعار المواد الغذائية في عام 2025 بسبب اضطرابات الطقس التي أثرت على المحاصيل الزراعية. خلال العام الماضي، تضاعفت أسعار الكاكاو والقهوة نتيجة موجات الحر الشديدة التي ضربت غرب أفريقيا، وهي منطقة مسؤولة عن 70% من الإنتاج العالمي للكاكاو. التغيرات المناخية تؤثر أيضًا على إنتاج الحبوب، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية.
رغم هذه التهديدات الواضحة، لا تزال الحكومة الإسرائيلية متأخرة في اتخاذ قرارات حاسمة، إذ لم يتم حتى الآن تمرير قانون المناخ الذي كان قيد المناقشة لعدة أشهر. كما أن العديد من المشاريع التي أُعلن عنها في السنوات الأخيرة لم تتحقق بسبب نقص التمويل أو غياب الإرادة السياسية.
مقالات ذات صلة: “حق فنجان قهوة”… ارتفاع كبير في أسعار القهوة والشوكولاتة عام 2025