
تعمل الهيئة العامة للكنيست هذه الأيام على إقرار تعديل جديد لقانون الجمعيات. وفي ظل الخريطة الحزبية القائمة اليوم في الكنسيت، يتوقع أن يحظى مشروع تعديل هذا القانون بما يكفي من الأصوات المؤيدة لتحويله إلى قانون ساري المفعول. للأسف، يمكن القول بأن إقرار هذا القانون سيُشكل ضربة قاضية لمؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجتمعنا العربي.
التعديل الذي قدمه عضو الكنيست أريئيل كلنر (من حزب الليكود)، وفي حال تم المصادقة عليه في الكنيست ولم يتم شطبه من قبل المحكمة العليا، ينص بفرض ضريبة بنسبة 80% على التبرعات والدعم المالي الذي تحصل عليه الجمعيات في إسرائيل إذا كان مصدر هذه التبرعات من هيئات دولية. ولكي يتم سد أي ثغرة قانونية، يشمل اقتراح تعديل القانون عدم إلزام المحاكم على مناقشة الطلبات التي تصل من الجمعيات التي تعتمد في تمويلها على جهات أجنبية من أجل الحصول على دعم.
لكن قبل الخوض في عواقب هذا التعديل على الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني بشكل عام، وعلى الجمعيات العربية بشكل خاص، من المهم أن نوضح ما القصد هنا وراء مصطلح “هيئة دولية”.
بموجب البند ٣٦أ من قانون الجمعيات تُعرّف الهيئة الدولية على أنها “دولة /حكومة اجنبية، مؤسسة تابعة لدولة اجنبية (سفارات، سلطات محلية، صناديق تمويل حكومية وما شابه)، اتحاد حكومات أجنبية (الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة، USAID وما شابه)، السلطة الفلسطينية ومؤسساتها، شركات وصناديق دولية تمتلك فيها إحدى المؤسسات المذكورة أعلاه أسهماً أو حقوق ملكية، والشركات الأجنبية الممولة من قبل الجهات المذكورة فيما سبق.”

أما عن دور منظمات المجتمع المدني في البلاد بشكل عام وفي المجتمع العربي بشكل خاص، فيمكن القول أن هذه المنظمات تلعب دوراً مركزيا في الحياة اليومية للمواطنين المختلفين في دولة اسرائيل. حيث يعتمد بعضهم على التبرعات التي يستهدفها اقتراح القانون، وإقرار التعديل سيشكل ضربة قاضية بالنسبة لهم، بل وقد يؤدي إلى إغلاق العديد من الجمعيات التي يستهدفها هذا القانون أصلاً.
قراءة سريعة لنص اقتراح تعديل القانون تبين، دون أدنى شك، بأن الهدف الأول منه “إسكات” منظمات المجتمع المدني التي تنتقد سياسات وقرارات الحكومة، أي الجمعيات المحسوبة على اليسار والجمعيات العربية.
القانون يسري فقط على التبرعات التي تصل من هيئات دولية أجنبية وليس من جهات أجنبية شخصية. وفي هذا السياق تعتمد الجمعيات العربية بالأساس على التبرعات التي تصل من هيئات أجنبية وليس من جهات خاصة أجنبية. وإذا كانت هذه الحقيقة لا تكفي لتأكيد الهدف الحقيقي للقانون، فقد منح التعديل الجديد وزير المالية حق إعفاء الجمعيات التي يختارها هو من دفع الضريبة المقترحة. وهذا يؤكد أننا أمام قانون سياسي بامتياز.
المصادقة على هذا التعديل تعني وقف وصول الدعم المالي لغالبية الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني العربية. لن تقوم أي جهة أجنبية بتقديم الدعم لجمعية إذا عنى ذلك تحويل 80% من مبلغ الدعم لخزينة الدولة. يجب على مؤسسات المجتمع المدني العربية إدراك خطورة هذا التطور والتحرك سريعا، وعلى جميع المستويات المحلية والدولية، القانونية والإعلامية، لإفشال إقرار هذا التعديل الخطير.
* المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة موقع وصلة للاقتصاد والأعمال