في تصعيد جديد للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع الواردات القادمة من دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين، معتبرًا أن هذا التكتل الاقتصادي قد تأسس لـ”التلاعب” بالولايات المتحدة وإلحاق الضرر بها.
خلال اجتماع لمجلس الوزراء في ولايته الثانية، أكد ترمب أن هذه الرسوم ستشمل السيارات والمنتجات الزراعية وغيرها من السلع الأوروبية، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن سياسته لإعادة التوازن التجاري بين بلاده والاتحاد الأوروبي. وبرر الرئيس الأميركي موقفه بالقول: “لقد استغلونا بالفعل. هم يرفضون منتجاتنا، بينما نقبل نحن كل شيء منهم”، مضيفًا أن أوروبا تستخدم أعذارًا واهية لمنع دخول السيارات الأميركية والمنتجات الزراعية إلى أسواقها.

التأثيرات المحتملة على الأسواق والتجارة الدولية
بيانات المفوضية الأوروبية تظهر أن الاتحاد الأوروبي سجل فائضًا تجاريًا قدره 155.8 مليار يورو (159.6 مليار دولار) مع الولايات المتحدة في قطاع السلع خلال عام 2023، بينما كان هناك عجز قدره 104 مليارات يورو في قطاع الخدمات. وتعد الآلات والمركبات والمنتجات الكيميائية والأدوية من بين أهم الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة.
في حال تنفيذ هذه الرسوم، فإن المستهلكين الأميركيين قد يكونون أول المتضررين، حيث ستؤدي هذه الإجراءات إلى ارتفاع أسعار السلع الأوروبية المستوردة، ما قد يفاقم معدلات التضخم. كما أثار هذا التهديد قلق الأسواق المالية الأوروبية، حيث تراجع المؤشر الرئيسي “ستوكس 600” بنحو نصف نقطة مئوية فور إعلان ترمب، وسط مخاوف من تداعيات المواجهة التجارية.
الاتحاد الأوروبي يهدد بالرد بالمثل
لم يتأخر رد المفوضية الأوروبية، حيث تعهدت بالتصدي لأي “عوائق غير مبررة أمام التجارة الحرة والعادلة”، مؤكدة أنها لن تتردد في اتخاذ إجراءات مضادة إذا مضت واشنطن في فرض الرسوم.
وجاء في بيان رسمي للمفوضية أن “الاتحاد الأوروبي هو أكبر سوق حرة في العالم، وقد ساهم في تسهيل التجارة وخفض التكاليف على المصدرين الأميركيين”، مشددة على أن الاستثمارات الأميركية في أوروبا تحقق أرباحًا كبيرة، وأن التعاون بين الطرفين يجب أن يكون هو الخيار الأفضل بدلًا من الصراع.

من جهته، أكد وزير المال الفرنسي إريك لومبار أن الاتحاد الأوروبي سيرد بالمثل، قائلًا: “إذا مضت الولايات المتحدة قدماً في زيادة الرسوم الجمركية كما أعلن ترمب، فإن الاتحاد الأوروبي سيفعل الأمر نفسه”، مضيفًا أن “حماية مصالح أوروبا يجب أن تكون على رأس الأولويات، حتى وإن لم يكن ذلك في المصلحة العامة”.
هل نحن أمام حرب تجارية شاملة؟
تهديدات ترمب بفرض الرسوم الجمركية ليست جديدة، فقد سبق له أن هدد بخطوات مماثلة في ولايته الأولى، لكنه امتنع في النهاية عن تنفيذها بعد مفاوضات مع القادة الأوروبيين. ومع ذلك، يبدو أن هذه المرة مختلفة، خاصة مع إصراره على توسيع نطاق الحرب التجارية لتشمل الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك.
المواجهة القادمة بين واشنطن وبروكسل قد تكون الأشد منذ أزمة الرسوم الجمركية بين الطرفين في 2018، حين فرضت الولايات المتحدة تعريفات على الصلب والألمنيوم الأوروبي، ورد الاتحاد بالمثل على السلع الأميركية.
في ظل هذا التصعيد، يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن واشنطن وبروكسل من تفادي حرب تجارية شاملة، أم أن العالم على موعد مع جولة جديدة من الصراعات الاقتصادية التي قد تؤثر على التجارة العالمية؟
مقالات ذات صلة: “البطاقة الذهبية”… خطة ترمب الجديدة لمنح الإقامة للأثرياء “فقط” مقابل 5 ملايين دولار