شهدت أسعار القهوة العالمية ارتفاعًا حادًا خلال الأشهر الأخيرة، حيث وصل سعر حبوب قهوة “أرابيكا”، وهي الأكثر استهلاكًا عالميًا، إلى 4.30 دولارًا للرطل خلال فبراير، وهو مستوى قياسي مقارنة بالعام الماضي، حيث كان السعر أقل من 2 دولار للرطل في يناير 2024. ويعكس هذا الارتفاع تضاعف الأسعار خلال فترة قصيرة، ما أدى إلى زيادات ملحوظة في متاجر البيع بالتجزئة.
بحسب “أندريا إيلي”، الرئيس التنفيذي لشركة القهوة الإيطالية Illycaffè، فإن أسعار القهوة قد ترتفع بنسبة 25% إضافية خلال هذا العام، نتيجة لعدة عوامل تؤثر على الأسعار.

تغير المناخ وزيادة الطلب على القهوة
يعود أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار القهوة إلى التغيرات المناخية الحادة التي أثرت بشكل كبير على الإنتاج في اثنتين من أكبر الدول المنتجة للقهوة، البرازيل وفيتنام. في عام 2024، شهدت البرازيل موجة جفاف قاسية أعقبها صقيع مدمر أدى إلى تراجع كبير في المحصول، بينما تعرضت فيتنام لفيضانات أثرت سلبًا على إنتاج القهوة، مما قلل من الكميات المتاحة في الأسواق.
ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة القهوة الدولية في يناير، انخفضت صادرات القهوة البرازيلية خلال أغسطس نسبة 7.4% مقارنة بالعام السابق، في حين شهدت صادرات فيتنام هبوطًا حادًا بنسبة 40% في ديسمبر، ما زاد من الضغوط على الإمدادات العالمية.
في الوقت الذي تعاني فيه الدول المنتجة للقهوة من مشكلات مناخية تؤثر على المحاصيل، يواصل الطلب العالمي على القهوة نموه المطرد. فقد شهدت الصين، التي لم تكن تقليديًا من كبار مستهلكي القهوة، ارتفاعًا في استهلاكها بنسبة 150% خلال العقد الماضي، ما ساهم في الضغط على الأسواق العالمية ورفع الأسعار.
التوترات التجارية والجمارك
إلى جانب العوامل المناخية، تلعب السياسات التجارية دورًا رئيسيًا في ارتفاع أسعار القهوة. إذ تعتزم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 25% على الواردات القادمة من المكسيك، التي تعد واحدة من أكبر موردي القهوة للولايات المتحدة. ومن المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى زيادة إضافية في الأسعار، حيث تعتمد السوق الأمريكية بشكل كبير على الإمدادات المكسيكية.
على صعيد آخر، فإن قانون جديد في الاتحاد الأوروبي، من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في وقت لاحق من هذا العام، يفرض قيودًا صارمة على استيراد المنتجات، بما في ذلك القهوة، التي لا تلتزم بمعايير الاستدامة البيئية وتجنب إزالة الغابات. ورغم أن هذا التشريع يهدف إلى الحد من الأضرار البيئية، إلا أنه قد يفرض تحديات إضافية على الإمدادات ويزيد من الضغوط على السوق العالمية.

الهجمات في البحر الأحمر تعرقل الإمدادات
إلى جانب العوامل المناخية والتجارية، تأثرت شحنات القهوة أيضًا بسبب الاضطرابات في البحر الأحمر، حيث أدت الهجمات التي يشنها الحوثيون على السفن التجارية إلى تعطيل الطرق البحرية الرئيسية.
ووفقًا لمنظمة القهوة الدولية، فإن 5 مليارات كيس من القهوة لم تصل إلى وجهاتها في أوروبا بسبب الحاجة إلى تغيير مسارات الشحن بعيدًا عن البحر الأحمر، ما زاد من تكاليف النقل وأدى إلى تأخير الإمدادات.
نقص الأيدي العاملة وارتفاع تكاليف الحصاد
سبب آخر يساهم في ارتفاع الأسعار هو نقص العمالة الزراعية، حيث أدى تراجع أعداد المزارعين القادرين على العمل في حصاد القهوة إلى ترك كميات كبيرة من المحصول غير محصودة، ما يحد من المعروض في السوق.
مع استمرار ارتفاع أسعار القهوة عالميًا، أصبح من المرجح أن يواجه المستهلكون في مختلف أنحاء العالم زيادات إضافية في تكلفة فنجان القهوة اليومي. ومن المتوقع أن تواصل الأسعار اتجاهها الصعودي خلال الأشهر المقبلة، خاصة في ظل استمرار العوامل المؤثرة مثل التغيرات المناخية، والسياسات التجارية، والمشكلات اللوجستية في سلاسل التوريد العالمية.
مقالات ذات صلة: شتراوس ترفع أسعار القهوة والشوكولاتة بنسبة 18% في العام الجديد