“الفجوات الاقتصادية بين العرب واليهود لم تتقلص، بل توسعت”

على الرغم من "الخطط والبرامج" المختلفة والميزانيات "السخية" التي تُفاخر بها حكومات إسرائيل المتعاقبة لتطوير المجتمع العربي ولتقليص الفجوات المهولة بين العرب واليهود في الدولة، يكشف تقرير جديد بادرت إليه مؤسسة الفنار، بأن الفجوات الاقتصادية والتشغيلية لم تتقلص مع مرور السنين، بل توسعت. في هذه المقابلة الحصرية لوصلة يتحدث حسام أبو بكر، مدير عام الفنار، عن الأسباب والحلول وعن حجم الخسارة التي يتكبدها الاقتصاد الإسرائيلي بسبب سياسات التمييز والإقصاء.
أيقون موقع وصلة Wasla
نبيل أرملي
مُحرر موقع وصلة للاقتصاد والأعمال
حسام أبو بكر
رغم التحسن الطفيف في معدلات التشغيل، يكشف تقرير “مؤشر الفنار” الصادر حديثاً عن فجوات عميقة بين العرب واليهود في سوق العمل الإسرائيلي، مع اتساع الهوة في الأجور وارتفاع نسبة الشباب العربي غير المؤطر إلى مستويات غير مسبوقة، ووجود تحديات صعبة جدا في قضية تشغيل النساء العربيات. “هذا التقرير يكشف من جهة حجم الأزمة التي يعاني منها العرب في البلاد في مجال التشغيل، لكنه يقدم، على طبق من ذهب، التوصيات والحلول لكل من يتوجب عليه التعامل مع هذه التحديات”، يقول حسام أبو بكر، مدير عام الفنار في مقابلة حصرية مع موقع وصلة، ويؤكد بأن المردود المادي لدمج العرب بالشكل الصحيح في الاقتصاد الإسرائيلي سيساهم ما بين 40 إلى 50 مليار في السنة لهذا الاقتصاد. 

 

بداية، ما هي الفكرة من وراء نشر مؤشر الفنار، مؤشر التشغيل للمجتمع العربي في إسرائيل؟

تختص مؤسسة الفنار اليوم بشكل أساسي في موضوع التشغيل، فنحن نؤمن أن قضية التشغيل هي القضية المركزية أمام المجتمع العربي من أجل التطوير الاقتصادي والاجتماعي. اقتصاد المجتمع العربي غير مبني على الصناعة مثلًا، وعلى عكس المجتمع اليهودي، الزخم الأساسي لاقتصاد المجتمع العربي يكمن في أماكن التشغيل. نسبة التشغيل في أي اقتصاد حديث، خصوصًا اقتصادات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) التي تنتمي إليها إسرائيل، هو شرط أساسي لأي نمو حقيقي. من خلال هذا التقرير والمؤشر، والذي أعده الباحثان د. نسرين حج يحيى وبن فرجون، قدمنا نظرة شمولية لموضوع التشغيل في المجتمع العربي، تدمج المعطيات على مختلف الأصعدة، وتحاول استخلاص الأسباب وراء هذه المعطيات، مقدمين لصناع السياسات، على طبق من ذهب، الأدوات المعرفية التي تلزمهم إذا كانوا معنيين حقًا بإحداث التغيير.

حسام أبو بكر
حسام أبو بكر، مدير عام الفنار

هناك عدة معطيات تناولها المؤشر، من ضمنها الفجوات في معدل الأجور بين العرب واليهود، كيف ظهر ذلك في المؤشر؟

رغم ارتفاع معدل الأجور لدى المجتمع العربي، إلّا أنّ نسبة ارتفاعها لدى المجتمع اليهودي كانت أكبر بكثير، ما يعني أن الفجوة قد اتسعت بين المجتمعين. إذا كانت الفجوة في السابق حوالي 50%، فإنّ المعطيات في المؤشر تدل على اتساع الفجوة، حيث تصل عند الرجال الى حوالي 60% وعند النساء الى حوالي 70%.

ما هو السبب في ذلك برأيك؟

لا شكّ أنّ هناك عدّة أسباب لقضية التفاوت بالأجور، وعلينا أن ننظر إليها نظرة شمولية. لكن، علينا أن نسأل أنفسنا أيضًا أين توجد قطاعات التشغيل في دولة إسرائيل؟ فلنضرب مثالًا لتوضيح المسألة وهو قطاع الهايتك. حوالي ربع المجتمع اليهودي يعمل في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة، إذ أصبح هذا القطاع الأكبر من ناحية التشغيلية، ويدفع أعلى الأجور. بينما لا تزيد نسبة المجتمع العربي في هذا القطاع عن 3%. تنعكس الفجوات أيضًا في القطاع العام، فنسبة وجود العرب في الوظائف الإدارية المتوسطة ضعيفة جدًا، ويكاد يكون معدومًا في الوظائف الإدارية العليا. أما في الشركات الحكومية الكبيرة مثل شركة الكهرباء، والتي تدفع أجورًا عالية جدًا، لا وجود يُذكر للموظفين العرب. عمليًا، العرب غير موجودين في أهمّ محرّكين للتشغيل في البلاد: الأول قطاع الهايتك والثاني القطاع العام.

ما تقصده إذن أنّه لا يمكن الحديث عن تقليص الفجوات ما دام العرب خارج قطاع الهايتك والقطاع العام؟

نعم، يجب أن ننظر أين يوجد العرب في قطاع التشغيل، ونعمل على تعزيز وجودهم في القطاعات الهامة اقتصاديًا، إذا أردنا أن نسدّ الفجوات في نسبة الأجور ونسبة التشغيل. ومن المهم أيضًا هنا أن ننوه إلى نسبة التشغيل، فنسبة الذين يعملون، في جيل العمل، بالمجتمع اليهودي بين نساء ورجال هي حوالي 80%، في مقابل أقل من 60% (75% لدى الرجال و46% لدى النساء) في المجتمع العربي. ولحساب القوة الانتاجية للمجتمع العربي، علينا أن نضرب معدل الأجور لدى العرب، وهو بين 10-11 ألف شيكل، بنسبة الـ 60%. وعند مقارنة ذلك بالقوة الاقتصادية للمجتمع اليهودي (أي عند ضرب معدل الأجور البالغ 17 ألف شيكل بنسبة 80%) تظهر لنا فجوة أخرى كبيرة موجودة بين المجتمعين.

1 2
“حوالي ربع المجتمع اليهودي يعمل في قطاعات التكنولوجيا، لا تزيد نسبة المجتمع العربي في هذا القطاع عن 3%”- صورة توضيحية

 

لسد الفجوات بين المجتمعين أهمية يمكن تسميتها بالأخلاقية أو “القيمية”، لكن ما أهمية الأمر من الناحية الاقتصادية؟

إذا نجحنا في سدّ الفجوة بين المجتمع اليهودي والعربي من ناحية نسبة التشغيل ومعدل الأجور، يُمكن أن يساهم المجتمع العربي بما يقارب 40 إلى 50 مليار شيكل في السنة للاقتصاد الإسرائيلي. إهمال هذه الفجوات وعدم معالجتها يعني عمليًا أن الدولة تفقد أكثر من 40 مليار شيكل سنويًا. ونحن عرضنا هذا الرقم في مؤشرنا، إضافة إلى العديد من المعطيات التي حللناها وعرضناها بشكلٍ مهني، حتّى تكون مرآة أمام صانعي القرار، فاتخاذ خطوات مؤثرة على أرض الواقع هو أحد الأهداف الأساسية للمؤشر.

المعطى الآخر الذي أثار ضجة كان موضوع الشباب غير المؤطر الذين ارتفعت نسبتهم بشكل مفاجئ بعد الحرب، ما هي تفاصيل هذا المعطى وإسقاطاته؟

عند تطرقنا إلى موضوع الشباب غير المؤطر، من المهم أن ننوه أننا استخدمنا التعريفات الدولية المتبعة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. الشاب غير المؤطر، هو الشاب في جيل 18-24 عامًا، غير الموجود في مجال التعليم أو العمل أو التأهيل المهني، وقد ارتفعت نسبتهم بشكل كبير بعد الحرب لتصل ما يقارب 40%، أي 4 من كل 10 شباب في هذا الجيل في المجتمع العربي غير مؤطر. باللغة العامية يقال عن هذا الشاب “شوفير تخت”، هذا الامر يثقل كاهل المجتمع ويشكل تحد كبير أمامه.

الرسالة التي نحاول إيضاحها أنّه يجب العمل على دمج هؤلاء الشباب، ليكونوا مُحرّك اقتصادي للمجتمع. لكن، لا يقتصر الموضوع على الأهمية الاقتصادية فقط، فلهذه الظاهرة إسقاطات اجتماعية خطيرة على مجتمعنا العربي، إذ يمكن أن ينزلق الشاب غير المؤطر بسهولة إلى دوامة العنف والجريمة، خاصة مع قضائهم وقتًا طويلًا على وسائل التواصل الاجتماعي التي تُعزّز لديهم وهم الثراء السريع.

ما هو وضع المجتمع العربي مقارنة بمجتمعات أخرى؟

نسبة الشباب غير المؤطر في المجتمع العربي هي حوالي 4 أضعاف نظيراتها في دول منظمة الـ OECD. النسبة هناك تتراوح عادة بين 8-13%، بينما تبلغ في مجتمعنا حوالي 36%. في داخل دولة إسرائيل، نحن أعلى من المعدل العام بثلاثة أضعاف، أي مقارنة بالمجتمع العام كلّه لا اليهودي فحسب، وسيكون الوضع أسوأ إذا تمّت المقارنة مع المجتمع اليهودي لوحده.

477278079 1159000826233878 9033685204657886280 n
تسليم تقرير “مؤشر الفنار” لرئيس الدولة – الصورة: من صفحة الفنار على فيسبوك

 

ألا تعتقد أنّ أصل المُشكلة يبدأ في البيت، أي بالتربية وعلاقة الأهل بالأولاد؟

لستُ عالم اجتماع، لكن ما يعلمنا إياه علم الاجتماع أنّك عندما تنظر إلى ظاهرة من هذا النوع، عليك دراستها بشكل موسّع، إذ تتشابك عدّة عوامل تسهم في تفاقمها. ولا شكّ أنّ ثقافة البيت حاليًا تعتبر جزءًا من المشكلة. في الماضي، كان الأهل يضعون مسارين فقط أمام ابنهم الشاب، إمّا التعليم أو العمل. لكن، اليوم، وللأسف الشديد، أصبح يوجد مسارٌ ثالثٌ اكتسب نوعًا من الشرعية، وهو البقاء في المنزل دون عمل أو تعليم، لأنّ الأهل لم يعودوا مؤثرين كما يجب على أبنائهم. السلطة الوالدية اليوم مفقودة، لم يعد الشاب ابن الثامنة عشر يسمح لوالديه أن يوجّهانه. وترى العديد من هؤلاء الشباب يسهرون للفجر، وينامون للعصر، ويقضون أوقاتهم أمام الشاشات. لكن، طبعًا، كي لا نظلم الجميع، فبعض الشباب غير مؤطرين رغمًا عنهم، بسبب ظروف خارجة عن إرادتهم.

 “إذا نجحنا في سدّ الفجوة بين المجتمع اليهودي والعربي من ناحية نسبة التشغيل ومعدل الأجور، يُمكن أن يساهم المجتمع العربي بما يقارب 40 إلى 50 مليار شيكل في السنة للاقتصاد الإسرائيلي”

 

ألا يجب أن تعالج هذه الظاهرة في مرحلة مكبرة من حياة الشاب؟

بالطبع، وهنا تعود أهمية النظرة إلى هذه الظاهرة من عدة زوايا. فلا يقتصر التقصير على العائلة أو المجتمع، هناك أيضًا مسؤولية جهاز التربية والتعليم، وغياب برامج السلطات المحلية، وهناك المسؤولية السياسية العامة التي لا تؤسس لحلول عميقة وطويلة الأمد. كل هذه المستويات متشابكة معًا، وتسهم في حلّ المشكلة أو تفاقمها. إذا كان هناك، على سبيل المثال، تسريب من التعليم، ستتفاقم الظاهرة. وجود برامج إضافية بعد المدرسة تَشغَل وقت الطالب، ستقضي على الملل لديه، وتؤهله لاكتساب مهارات سيحتاجها لاحقًا.

هل هناك مشاريع مقترحة من طرفكم لمعالجة هذه الظاهرة؟

بادرنا، في مؤسسة الفنار، منذ أكثر من عام بمشروع استراتيجي للتعامل مع قضية عدم التأطير في المجتمع العربي، يستهدف الشباب في جيل 15-25 عامًا وأهاليهم. نعمل في المدارس الثانوية بالشراكة مع وزارة المعارف، لإدخال ثقافة مختلفة في جهاز التربية والتعليم، وهي الثقافة التشغيلية، التي تهدف إلى تنميه المهارات التشغيلية، وذلك ضمن برامج تتجاوب مع المعطيات والمستويات المختلفة للمشكلة. بالتأكيد، لن نستطيع حلّ المشكلة لوحدنا، لكننا نقدم توصيات على طبق من ذهب لصناع القرار من أجل تطبيق هذه البرامج ورصد الميزانيات المناسبة لها.

في تقريركم ذكرتم تجربة النمسا في التعامل مع مشكلة الشباب غير المؤطر، كيف عالجوا هذه المشكلة هناك؟

478903636 1158983372902290 1248431657944479754 n

نعم، أدخلت النمسا برامج تأهيل مهني في المرحلة الثانوية، يهدف إلى تعليم طلاب الثانوية “صنعات”، ولكن “صنعات” بالمفهوم الحديث جدًا، أي تأهيلهم للعمل في وظائف تقنية، تتطلب مهارات عالية وذات أجور مرتفعة.

يمكن تطبيق هذا الحل هنا. توجد برامج تأهيل مهني لتعلّم مهن تقنية مختلفة لكن المشكلة ليست وجود أو غياب برامج تأهيل، بل النظرة والوصمة السلبية لمن يرغبون في تعلّم صنعة. المشكلة تبدأ من حقيقة أن منظومة التعليم المهني لا تتبع لوزارة التربية والتعليم، بل تم “سلخها” وإتباعها لوزارة العمل. في النمسا مثلا تتبع منظومة التأهيل المهني لوزارة التعليم، وبالتالي فهي ليست مخصصة للطلاب “الضعفاء” إنما للطلاب الذين لا يرغبون بالتعليم الأكاديمي لكنهم يطمحون للعمل في مجالات أخرى غير اكاديمية.

وقد عملوا كذلك، وهذا ما نحاول محاكاته، على تنمية ثقافة العمل وتطوير المهارات التشغيلية الهامة للطالب. فجميع الطلاب يحتاجون إلى هذه المهارات، حتى من يرغبون في الالتحاق بالجامعات. على سبيل المثال، يفتقد العديد من الأكاديميين العرب للمهارات التي تؤهلهم للحصول على وظيفة جيدة، رغم شهادتهم الأكاديمية، لأنهم قد لا يمتلكون المهارات اللازمة لعرض نقاط قوّتهم في مقابلة العمل. نهدف إلى إدخال هذه المهارات إلى جهاز التربية والتعليم، فليس الهدف أن يكون الطالب “ماكينة علامات” فقط، دون إجادة مهارات العمل والحياة الأساسية.

“في الماضي، كان الأهل يضعون مسارين فقط أمام ابنهم الشاب، إمّا التعليم أو العمل. لكن، اليوم، وللأسف الشديد، أصبح يوجد مسارٌ ثالثٌ اكتسب نوعًا من الشرعية، وهو البقاء في المنزل دون عمل أو تعليم”

 

نستشف من كلامك أن لدينا أزمة في ثقافة العمل، ومشكلة في الوصمات والتسميات؟

نعم، نحن بحاجة إلى العودة لجذور القضية. سأضرب مثالًا سريعًا لتوضيح تأثير الوصمات والتسميات المغلوطة. أثناء الحرب، كان هناك أزمة في قطاع البناء، لأنّه كان يعتمد على أكثر من 150 ألف عامل من الضفة الغربية وغزة، وقد شكلوا 80% من الأيدي العاملة في هذا القطاع، إضافة إلى 20% من دول أخرى غادروا بعد الحرب. نتيجة لذلك، كان قطاع البناء في أزمة كبيرة جدًا. وفي المراحل الأولى للأزمة، عرض هذا القطاع أجورًا تتجاوز 1000 شيكل في اليوم للعامل غير المؤهل، لكن شبابنا العرب الذين لا يعملون رفضوا العمل في قطاع بالبناء. رفضوا العمل في وظيفة تضمن لهم دخل شهري يتجاوز 20 ألف شاقل فقط بسبب الوصمة السلبية والتسميات المغلوطة. نحن نستخدم تسمية “طبرجي” أو “بليط”، بينما في دول أخرى تستخدم تسميات مهنية أكثر مثل “فني بناء”، ويكون لهم لباس مميز ولائق، وتسويق مناسب، للوصول إلى قطاعات مختلفة داخل المجتمع.

1 3
يجب إعادة النظر في كل منظومة التأهيل المهني

 

ننتقل الآن إلى موضوع تشغيل النساء، ما يلفت الانتباه أن نسبة تشغيل النساء العربيات تجمدت عند 46%، والفجوة لا تزال كبيرة جدًا مقارنة بالمجتمع اليهودي، لماذا لم تحلّ هذه المشاكل رغم كل الجهود؟

مثل مشكلة الشباب غير المؤطر، هنا أيضًا يجب النظر إلى الصورة الشاملة. يوجد عدة مؤثرات تتعلق بنسبة تشغيل النساء العربيات. أحد هذه المؤثرات تتعلق بأماكن التشغيل، وهذا عامل مؤثّر جدًا رغم أنّه قد لا يكون السبب الأساسي، فرغم أنّ سكن المرأة خارج البيت في فترة التعليم، أو حتّى تعلّمها خارج البلاد، اكتسب شرعية إلى حدٍّ ما لدى العائلة والمجتمع بشكل عام، إلّا أنّه لم ينعكس على أماكن التشغيل، إذ لا تزال لدينا كمجتمع حواجز تربوية وثقافية في هذه المسألة.

مشكلة أخرى، تتقاطع مع المسألة السابقة، تتعلق بعدم توفر أماكن العمل الأساسية بشكل كبير في مناطق السلطات المحلية العربية. كم ستستوعب أماكن العمل أو التعليم هناك؟ كم تستوعب المحلات التجارية في البلدات العربية؟ في نهاية المطاف، ومن ناحية تشغيلية، يعتمد المجتمع العربي على أماكن التشغيل في المجتمع اليهودي بأكثر من 50%. وأغلب أماكن التشغيل هذه بعيدة عن المناطق العربية.

يعني نحن عالقون في دائرة سحرية؛ من جهة لا يمكن تطوير الاقتصاد العربي بدون رفع نسبة تشغيل النساء ولا يمكن تشغيل النساء بدون تطوير الاقتصاد العربي؟

صحيح، وهذا دليل على أنّ الارتفاع في نسبة التشغيل لدى النساء العربيات بطيء جدًا. وهناك مسألة مهمة أخرى، تتعلق بوجود الشركات الكبيرة في المجتمع. على سبيل المثال، في المجتمع الحريدي، نسبة النساء العاملات عالية جدًا. وفي مدينة مثل مودعين عليت حوالي 90% من النساء كنّ يعملن في المدينة نفسها، بسبب حضور الشركات الكبيرة إلى هناك، وذلك ما نفتقر إليه في المجتمع العربي.

ولدينا مشكلة أيضًا تتعلق بأنّ العديد من النساء العربيات لديهنّ شهادات لكنهنّ غير منخرطات في سوق العمل.

صحيح، نسبة عالية جدًا، فعددهنّ يتجاوز 15 ألف امرأة، لدى بعضهنّ شهادة تدريس لكن لا يعملن، وبعضهن يعملن في وظائف ليس لها علاقة بشهادتهن. والمشكلة هنا أنّ من تريد أن تعمل في سوبرماركت مثلًا، تستطيع فعل ذلك دون أن تتعلم 4 سنوات، فقط تحتاج إلى تأهيل بسيط.

نحن نؤمن في الفنار بضرورة أن يكون عمل المرأة، والرجل أيضا، متجانساً مع التأهيل الأكاديمي، لأنّ ذلك يضفي على عمله قيمة وجوهر. لدينا في مؤسستنا برنامج “اندماج”، لا يزال في بداية الطريق، هدفه أن نرافق الأكاديميين 6 أشهر، وتوفير مرشد شخصي لهم، من أجل أن يعملوا بشهادتهم.

قدمنا توصيات أيضًا تتعلق بالفائض بوجود المعلّمات، بهدف إعادة تأهيلهنّ للعمل في قطاعات أخرى، كشركات التأمين، وحتّى القطاع العام، حيث يمكن أن تكون شهادتها مفتاحًا للعمل هناك في معظم المجالات.

عملنا أيضًا مع 14 امرأة يحملن شهادة تدريس، في دورة مدتها 6 أشهر، وأهلناهنّ للعمل في مجال الهايتك، وقد توظّف جميعهنّ في شركة هايتك.

ما الذي يمنع تطبيق هذا النموذج على جميع النساء غير العاملات؟

التمويل، يجب رصد ميزانيات ضخمة لمثل هذه البرامج. تكلفة تأهيل 14 امرأة عربية للانخراط في الهايتك وصلت إلى نصف مليون شيقل تقريبا.

هل عُرِضَ مؤشر التوظيف على وزارة المالية أو على الجهات الرسمية التي يجب أو توفر الحلول لهذه الأزمة؟

نحن بصدد أن يصل هذا المؤشر لكلّ شخص في دائرة اتخاذ القرار، من رئيس الحكومة إلى الوزراء، وكذلك أعضاء ولجان الكنيسيت والموظفين الهامين في دوائرهم. لا نزال في عملية إيصال ونشر المؤشر، وسنتابع ردود الفعل. تقديم التوصيات هو بداية مسار العمل بالنسبة لنا وليس نهايته. نحن نحاول إيصال ومناقشة هذه الأفكار، ونحاول تحويلها إلى مادة لاتخاذ القرارات. ليست كل الأبواب مفتوحة أمامنا دائمًا، لكننا سنطرق كل الأبواب، ولدي أمل أنّ العديد من الأبواب ستفتح أمامنا، وأنّ العديد من المسؤولين ستعاملون مع توصياتنا بنظرة إيجابية. ونعتقد أن أيّ خطة استراتيجية، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار هذه المعطيات.

مقالات مختارة

Skip to content